كشف تحقيق جديد أعدته لجنة مستقلة تابعة للأمم المتحدة، عن ارتكاب جيش الاحتلال الإسرائيلي جرائم حرب وأخرى ضد الإنسانية على نطاق كبير خلال حربه الغاشمة على قطاع غزة، حيث وجهت له "سلة اتهامات" كان أقلها القتل المتعمد وأكثرها الإبادة والاضطهاد.
وشنت إسرائيل حربًا ضخمة أطلقت عليها السيوف الحديدية على قطاع غزة، منذ ثمانية أشهر، ارتكبت خلالها العديد من المجازر التي خلفت حتى الآن أكثر من 37 ألف شهيد أغلبهم من الأطفال والنساء، بجانب ما يزيد على 84 ألف جريح، وخلفت دمارًا واسعًا في البنية التحتية بحسب الأمم المتحدة.
جرائم حرب
ويعتبر التقرير الذي أصدرته لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة المعنية بالأرض الفلسطينية المحتلّة، بما في ذلك القدس الشرقية، وفق الأمم المتحدة هو الأول من نوعه عن الأحداث منذ 7 أكتوبر الماضي، حيث استندت في كشفها للأوضاع على مقابلات مع ضحايا وشهود وآلاف المعلومات بجانب مئات التقارير.
وتبين من خلال التحقيق أن السلطات الإسرائيلية مسؤولة عن جرائم حرب، واتهمتها باستخدام التجويع كسلاح ووسيلة من وسائل الحرب، حيث فرضت حصارًا كاملًا يرقى إلى مستوى عقاب جماعي ضد السكان المدنيين، وحجبت عن السكان جميع ضروريات الحياة من أجل تحقيق مكاسب استراتيجية وسياسية.
استراتيجية القتل
وتسبب ذلك الحصار الكامل في إلحاق ضرر جسيم بالأطفال وأدى إلى وفيات كبيرة بينهم كان يمكن تفاديها بسبب التجويع، بما في ذلك الرضع والمواليد الجدد، كما تأثرت النساء الحوامل وذوي الإعاقة بما فعله الاحتلال في قطع إمدادات المياه والغذاء والكهرباء والوقود وغيرها من المساعدات الإنسانية.
كما اتهمت اللجنة الاحتلال الإسرائيلي بالقتل العمد، حيث تم توجيه الهجمات بشكل متعمد ضد المدنيين والأعيان، وبحسب الأمم المتحدة كانت الأعداد الهائلة من الضحايا المدنيين والبنى التحتية المدنية الأساسية في قطاع غزة، يعتبر نتيجة مباشرة وحتمية للاستراتيجية التي اعتمدها جيش الاحتلال الإسرائيلي.
دمار ونقل
واعتمد جيش الاحتلال على إحداث أكبر قدر من الدمار في القطاع، وأهملت مبادئ التمييز والحيطة والتناسب خلال العمليات القتالية، وذلك عن طريق استخدامها للأسلحة الثقيلة ذات القدرات التدميرية العالية في المناطق السكنية المكتظة وهو ما اعتبرته اللجنة هجومًا متعمدًا ومباشرًا على السكان المدنيين العزل.
النقل القسري أيضًا كان واحدًا من الاتهامات التي طالت الاحتلال الإسرائيلي خلال التقرير، حيث أصدرت إسرائيل مئات الأوامر لإجلاء السكان من شمال غزة إلى مواقع أخرى، وعلى الرغم من اعتبارها آمنة، إلا أن القوات لم تعطِ الوقت الكافي لعمليات الإجلاء الآمنة، وهاجمتها باستمرار.
التحريض والعنف
كما تم اتهام جيش الاحتلال باستخدام العنف الجنسي والتعذيب والمعاملة القاسية والاحتجاز التعسفي والاعتداء على كرامة الفلسطينيين، وعملت على نزع الملابس والتعرية العلنية القسرية بنية إذلال المجتمع ككل في سبيل التأكيد على تبعية الشعب المحتل، وهي كما وصفها التقرير جزء من إجراءات قوات الأمن التشغيلية.
وعكست تصريحات اليمينيين الإسرائيليين سببًا في سياسة إلحاق الدمار والقتل للمدنيين الفلسطينيين، والتي وفقًا للتقرير ترقى إلى مستوى التحريض وقد تشكل جرائم دولية خطيرة أخرى، إذ اعتبر التقرير أن التحريض المباشر لارتكاب الإبادة الجماعية -حتى لو تم من قبل أفراد ليس لديهم سلطة مباشرة- يُعد جريمة بموجب القانون الدولي، وانتهاك خطير للقانون الدولي لحقوق الإنسان وقد يرقى الى مستوى الجريمة الدولية.
وطالبت اللجنة الأممية حكومة إسرائيل بالوقف الفوري لإطلاق النار وإنهاء الحصار على غزة، وضمان وصول المساعدات الإنسانية ووقف استهداف المدنيين والبنى التحتية المدنية، بجانب الامتثال الكامل بالتزاماتها القانونية التي حددتها أوامر محكمة العدل الدولية والسماح بوصول اللجنة إلى غزة للتمكن من إجراء التحقيقات.