قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، إن العالم يواجه "أزمة مناخية"، محذرًا من عواقب وخيمة جديدة ناجمة عن الاحتباس الحراري.
وأضاف "جوتيريش" أن شركات الوقود الأحفوري هي "الأب الروحي للفوضى المناخية" ويجب منعها في كل دولة من الإعلان على غرار القيود المفروضة على شركات التبغ الكبيرة، بينما كان يوجّه تحذيرات علمية جديدة وخيمة من ظاهرة الاحتباس الحراري.
في خطاب رئيسي ألقاه في نيويورك، الأربعاء 5 يونيو 2024، دعا أنطونيو جوتيريش وسائل الإعلام الإخبارية والتكنولوجية إلى التوقف عن تمكين "تدمير الكوكب" من خلال أخذ أموال إعلانات الوقود الأحفوري، بينما حذّر من أن العالم يواجه "أزمة مناخية" في محاولاته المتعثرة لوقف الأزمة.
وقال: "العديد من الحكومات تقيّد أو تحظر الإعلان عن المنتجات التي تضر بصحة الإنسان، مثل التبغ".
وتابع:"أحث كل دولة على حظر إعلانات شركات الوقود الأحفوري. وأنا أحث وسائل الإعلام الإخبارية وشركات التكنولوجيا على التوقف عن قبول إعلانات الوقود الأحفوري".
وفي الخامس من يونيو من كل عام، يعتبر اليوم العالمي للبيئة الذي يقوده برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) سنويًا منذ 1973، وهو أكبر منصة عالمية للتوعية العامة بالبيئة، ويحتفل به ملايين الأشخاص حول العالم وتستضيفه المملكة العربية السعودية في عام 2024.
1.5 درجة مئوية
وفي كلمته، أعلن جوتيريش عن بيانات جديدة من المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO) تُظهر أن هناك فرصة بنسبة 80٪ أن يتجاوز الكوكب 1.5 درجة مئوية، ارتفاعًا في درجات الحرارة فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية في سنة واحدة على الأقل من السنوات الخمس المقبلة.
وأشار الأمين العام للأمم المتحدة إلى أن الأشهر 12 الماضية بالفعل تعدت هذا المستوى، حيث ارتفع متوسط درجة الحرارة العالمية بمقدار 1.63 درجة مئوية، عن متوسط ما قبل الثورة الصناعية في الفترة من يونيو 2023 إلى مايو من هذا العام، بعد سلسلة من الأشهر مع درجات حرارة قياسية، وفقًا لتقرير الأمم المتحدة.
وفقا للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، هناك احتمال بنسبة 50% أن السنوات من 2024 إلى 2028 سوف يتجاوز متوسطها 1.5 درجة مئوية في ارتفاع درجات الحرارة على مستوى العالم.
وقال جوتيريش، المعروف بلغته الحادة بشأن أزمة المناخ، أمام الجمهور تحت نموذج معلق لحوت أزرق يبلغ طوله 94 قدمًا في المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي: "إننا نلعب الروليت الروسية مع كوكبنا.. نحن بحاجة إلى منحدر خروج من الطريق السريع إلى جحيم المناخ".
يقصد لعبة الحظ الانتحارية التي نشأت في روسيا، حين يضع الشخص رصاصة واحدة في المسدس، ثم يقوم بتدوير الإسطوانة التي يمكن أن تحمل ست رصاصات عدة مرات بحيث لا يعرف ما إذا كانت الرصاصة ستطلق أم لا، ومن ثم يوجه المسدس نحو رأسه ويسحب الزناد.
نحن الخطر
وفي إشارة إلى مكان إلقاء كلمته، قال جوتيريش: "مثل النيزك الذي قضى على الديناصورات، لدينا تأثير هائل. وفي حالة المناخ، نحن لسنا الديناصورات، بل نحن النيزك. نحن لسنا في خطر فحسب، بل نحن الخطر".
وأصر جوتيريش على أن هدف الـ1.5 درجة مئوية "لا يزال ممكنًا تقريبًا"، لكنه قال إن هناك حاجة إلى بذل جهود أكبر بكثير من جانب الدول لخفض انبعاثات الكربون، وتعزيز تمويل المناخ للدول الفقيرة، وجعل صناعة الوقود الأحفوري منبوذة من قِبل الحكومات. ووسائل الإعلام وغيرها من الشركات لدورها في التسبب في أزمة المناخ.
وقال: "إن الآباء الروحيين للفوضى المناخية -صناعة الوقود الأحفوري- يحققون أرباحًا قياسية ويستفيدون من تريليونات الدولارات من الإعانات الممولة من دافعي الضرائب.. إنه لأمر مخز أن تُترك الفئات الأكثر ضعفًا عالقة، وتكافح بشدة للتعامل مع أزمة المناخ التي لم تفعل شيئًا لخلقها".
مضيفًا: "لا يمكننا أن نقبل مستقبلًا حيث يتمتع الأغنياء بالحماية في فقاعات مكيفة الهواء، في حين تتعرض بقية البشرية لطقس قاتل في أراض غير صالحة للعيش.. توقفوا عن نشر إعلانات الوقود الأحفوري".
وأوضح قائلًا: "نحن الشعوب في مواجهة هؤلاء الملوثين والمنتفعين معًا، يمكننا الفوز. ولكن حان الوقت لكي يقرر القادة إلى أي جانب يقفون".
وقد تم تحديد الخطاب ليكون بمثابة نداء حاشد رئيسي من قِبل قيادة الأمم المتحدة التي تشعر بالقلق من تراجع أزمة المناخ إلى قائمة الأولويات لعالم مزقته الحرب الروسية الأوكرانية والعدوان على غزة، ومخاوف اقتصادية أخرى.
ومن المقرر أن يُعقد اجتماع لمجموعة الدول السبع القوية في إيطاليا الأسبوع المقبل، ثم قمة المناخ COP29 في نوفمبر، التي من المقرر أن تُعقد في أذربيجان، إلى جانب اجتماع مجموعة العشرين في البرازيل.
وقال كو باريت، الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، إنه على الرغم من وجود آمال في أن يمثل العام الماضي ذروة في الانبعاثات العالمية، إلا أن هناك "تكمن الحقيقة القاتمة المتمثلة في أننا بعيدون عن المسار الصحيح لتحقيق الأهداف المحددة في اتفاقية باريس".
وتستمر تأثيرات أزمة المناخ في الظهور بشكل متزايد وسط حالة كبيرة من الجدل، حيث تعرضت دول مثل الهند والولايات المتحدة أخيرًا لموجات حر شديدة. وجدت دراسة صدرت هذا الأسبوع أن الفيضانات واسعة النطاق التي دمرت أجزاء من جنوب البرازيل، التي أدت إلى وفاة 169 شخصًا، قد تضاعفت على الأقل بسبب تغير المناخ الذي يسببه الإنسان.