أثار جنرالات ودبلوماسيون أوروبيون مخاوف بشأن انكماش الجيش البريطاني وما إذا كان كبيرًا بما يكفي لمواجهة صراع "شديد الحدة"، حسبما ذكر تقرير لصحيفة "التايمز" البريطانية.
ووفق الصحيفة، أعرب العديد من كبار الشخصيات الأوروبية عن مخاوفهم من أن الجيش "لن يكون كبيرًا بما يكفي للمساعدة في محاربة روسيا".
وكانت الحكومة البريطانية صرّحت بأنها ستخفض عدد الجيش من 82 ألفًا إلى 73 ألفًا بحلول عام 2025، وهو أصغر رقم منذ "العصر النابليوني"، وفق "التايمز".
ولفتت الصحيفة إلى أن حكومة رئيس الوزراء ريشي سوناك "كادت أن تحقق هذا الهدف بالفعل"، إذ تظهر الأرقام أن حجم قوة الجيش يبلغ 73.190 جنديًا، بينما عدد الجنود الذين يغادرون أكبر من عدد الجنود الذين يتم تجنيدهم.
وفي وقت سابق، شكك كبار الجنرالات الأمريكيين في مكانة بريطانيا كقوة قتالية رفيعة المستوى، وحذروا من أن المملكة المتحدة لم تعد قادرة على الاعتماد على الولايات المتحدة لسد الثغرات في قدراتها.
تراجع التجنيد
ديسمبر الماضي، أفادت صحيفة "التليجراف"، نقلًا عن بيانات وزارة الدفاع البريطانية، بأن الجيش البريطاني يشهد أقل عدد من أفراد الخدمة الفعلية.
وبدءًا من أكتوبر، انخفض العدد الإجمالي للقوات النظامية والاحتياطية التطوعية في جميع الخدمات إلى 184865، أي أقل بمقدار 7440 عن العام الماضي؛ ويقال إن هذه الأرقام هي الأدنى منذ عام 1815.
وشهد الجيش البريطاني أكبر انخفاض بين جميع الخدمات، من 78.060 جنديًا كامل التدريب في عام 2022 إلى 75.983 فقط عام 2023.
وبحسب التقرير، فإن الأرقام الأخيرة هي نتيجة إعلان الحكومة عام 2021، بشأن تقليص حجم الجيش والتركيز على التحديث.
وحسب موقع The Defense Post، فإن المزيد من الأفراد يغادرون القوات المسلحة بسبب قضايا مثل الإسكان العسكري، الذي يعد دون المستوى المطلوب، كما أشار الرائد السابق في الجيش وعضو البرلمان ريتشارد فورد.
وتماشيًا مع حديث فورد، لفت استطلاع العام الماضي إلى أن 46% من الجنود شعروا بعدم الرضا عن المستوى العام لإقامتهم، مقابل 34% فقط قالوا إنهم يشعرون بالرضا.
أيضًا، أسهم الحظر الحالي على اللحى إلى انخفاض عدد المجندين؛ وهو ما سخر منه سابقًا وزير الدفاع جرانت شابس في حديثه لصحيفة "التليجراف" قائلًا: "كيف لا نزال نكافح من أجل التجنيد ثم نقول بشكل تعسفي إنه لا يمكنك الانضمام إذا أطلقت لحيتك. إنه أمر مثير للسخرية، لقد حان وقت التحديث".
وفي وقت سابق من العام الماضي، قال ريتشارد دانات، وزير الدفاع البريطاني السابق، إن المملكة المتحدة قد تواجه صعوبات في الوفاء بالتزاماتها تجاه الناتو بسبب انخفاض أعداد الأفراد؛ مشيرًا إلى أن نقص القوات يعني أن البلاد لن تكون قادرة بعد الآن على تنفيذ عمليات متزامنة، كما حدث في العراق وأفغانستان في عام 2008.
وخلال تلك الفترة، نشر الجيش البريطاني 20 ألف جندي في كلا البلدين وأجرى عمليات التناوب كل ستة أشهر.
وقال دانات لـ"إي نيوز": "يمكننا أن نفعل ذلك بجيش نظامي يزيد تعداده على 100 ألف جندي. لن نتمكن من القيام بذلك اليوم".
مشكلات أخرى
بدورهم، حذر بعض الجنرالات الأمريكيين، يناير الماضي، من تراجع قوة الجيش البريطاني وانخفاض عدد قواته، ما يلقي بظلال من الشك على القدرات القتالية للبلاد على تنفيذ المهام والتحديات الأمنية، حسبما أفادت "التايمز" وقتها.
وأشار التقرير إلى أن هذا الانخفاض قد يؤدي إلى تقليل القدرة القتالية للجيش البريطاني.
وقال: "إذا استمر الجيش في خسارة قواته بمعدله الحالي، فإن عدد الجنود النظاميين سينخفض إلى 67741 جنديًا بحلول عام 2026، وهو انخفاض بنسبة 40% منذ عام 2010، وأقل من قوات العمليات الخاصة الأمريكية".
وسلط التقرير الضوء على مشكلات التجنيد والاحتفاظ بالجنود، ويُشير إلى أن الجيش لم يحقق أهداف التجنيد على مدى العقد الماضي، ما يعكس الصعوبات التي تواجه القوات المسلحة البريطانية، كما يتناول النقص في الاستثمار والتدريب والبنية التحتية.
وبينما تعد النقلة النوعية في الجيوش أحد التحديات الرئيسية في جميع أنحاء العالم، خصوصًا في ظل التغيرات السريعة في التكنولوجيا والتهديدات الأمنية المتطورة. يبدو أن القوات البريطانية تواجه تحديات كبيرة في تحديث وتحسين قدراتها العسكرية، وقد أثيرت مخاوف بشأن القدرة الفعلية للجيش البريطاني في مواجهة تحديات أمنية متزايدة.
وأظهر التقرير أن القوات البريطانية تواجه تحديات متعددة، بدءًا من مشكلات التجنيد والاحتفاظ بالجنود إلى التأخر في التحديث التكنولوجي والاعتماد المتزايد على القوات الأمريكية وغيرها من الشركاء الدوليين، بدلًا من أن تركز الحكومة البريطانية على تعزيز القدرات العسكرية وتحسين التجهيزات والتدريب لضمان الجاهزية لمواجهة التحديات الأمنية المتزايدة.
وحسب الصحيفة، تناولت النقاشات استمرار المملكة المتحدة في أداء دورها كقوة عسكرية من الدرجة الأولى، ومدى التزام الحكومة الحالية في دعم القوات العسكرية وتحديث تجهيزاتها، والحاجة إلى استراتيجية شاملة لتحديث القوات البريطانية وتعزيز قدراتها للتأقلم مع التطورات الأمنية الحديثة.