كشفت رسالة مُسربة، كتبها رئيس الأركان العامة للجيش البريطاني، عن خطرٍ كبيرٍ يُواجه جاهزية الجيش البريطاني، لشن أي حملات خارج حدود المملكة المتحدة، إذا تطلب الأمر ذلك، حيث تحول مع الوقت بسبب نقص التمويل وقلة الموارد، إلى قوة برية تستطيع الدفاع عن الداخل فقط.
لم تكن تلك المرة الأولى التي يحذر فيها الجنرال السير باتريك ساندرز، رئيس الأركان العامة بوزارة الدفاع البريطانية، من خطورة الوضع في الجيش، حيث سبق أن اقترح منذ أسابيع بتدريب وتجهيز جيش من المواطنين للاستعداد للصراع على الأراضي في المستقبل، وبحسب "التليجراف" البريطانية، فإن الربع الأخير من العام الماضي شهد رقمًا قياسيًا لمغادرة الضباط اختيارًا بـ 792 ضابطًا، بينما شهدت الفترة بين أكتوبر 2022 وأكتوبر 2023 تجنيد 10 آلاف مجند، وفي نفس الوقت غادر 16 ألفًا آخرون.
قوة برية
وفي رسالته المُسربة، أكد الجنرال ساندرز، أن قدرة الجيش على شن حملات خارجية، بجانب "المرونة الاستراتيجية" للقوة معرضة للخطر، مُشيرًا إلى أن ذلك يعود إلى أن نقص التمويل جعل الجيش في خطر أن يصبح "قوة برية تركز على الداخل"، مُطالبًا في رسالته كبار المسؤولين بالاستمرار في النضال من أجل توصيل تلك المخاوف بشكل كامل إلى وزارة الدفاع البريطانية.
يأتي ذلك في الوقت الذي شنت فيه المملكة المتحدة والولايات المتحدة مساء السبت، موجة جديدة من الضربات في اليمن ضد المسلحين الحوثيين، في محاولة "لتعطيل وإضعاف" قدراتها، حيث أصابت الضربات 18 هدفًا للحوثيين في ثمانية مواقع، وفقًا لبيان مشترك أصدره تحالف الدول المشاركة في العمليات، والذي ضم جيوش أستراليا والبحرين وكندا والدنمارك وهولندا ونيوزيلندا، بحسب شبكة "سي بي إس" نيوز الأمريكية.
الجيش المنشود
وفي الرسالة الموجهة إلى الجنرالات السابقين، الذين يتشاور معهم رئيس الأركان العامة بانتظام، بحسب التليجراف، كشف القائد أن أصول الجيش منهكة، وما يزيد إنهاكها هو عدم التوافق بين الطموح والموارد التي تمت معالجتها بقوة من قبل كل من الوطنيين، مُشيرًا إلى أن ذلك قد يدفع الجيش لاختصار نفسه عن غير قصد إلى قوة برية أصغر حجمًا وثابتة وتركز في الداخل، مشككًا في رسالته من أن ذلك الجيش المنشود ليس ما تحتاجه الأمة أو صناع القرار السياسي.
التهديدات المتعددة
وفي تعليقهم على تلك الرسالة المسربة، أكد بعض القادة الكبار السابقين في الجيش البريطاني، من ضمنهم قائد القوات البريطانية في أفغانستان والعراق والبلقان وأيرلندا الشمالية، عن تأييدهم للمخاوف التي طرحها رئيس الأركان، مُشيرين إلى أن الجيش بالفعل لن يكون قادرًا؛ بسبب ذلك على الوفاء بالتزاماته المتعلقة بالحملات الاستكشافية أو حلف شمال الأطلسي، لافتين إلى أن ذلك يعتبر أمرًا صادمًا.
وأرجع القادة، السبب وراء تعريض قدرات الجيش الخارجية للخطر، أمام التهديدات المتعددة من الصين وروسيا وإيران، إلى استنزاف الموارد التي تعرضت له القوات خلال دعم الحلفاء في الخارج، إلا أن المُتحدث باسم وزارة الدفاع، بحسب الصحيفة البريطانية، أكد أن الجيش حاليًا يشهد أكبر تحول له منذ 20 عامًا ومستعد دائمًا لحماية الأمة، بعد إنفاق أكثر من 50 مليار إسترليني على الدفاع هذا العام وحده.