في ظل التوترات المشتعلة بين كوريا الشمالية وجارتها الجنوبية، تسود مخاوف بشأن انزلاق المنطقة إلى مواجهة عسكرية، وعلى الرغم من عدم وجود ما يشير إلى اقتراب اندلاع حرب واسعة النطاق، فإن تحركات بيونج يانج التي تصفها كوريا الجنوبية بالاستفزازية، قد تؤدي إلى سعي الرئيس يون سوك يول للانتقام.
سيناريوهات محتملة
كتبت سو مي تيري، وهي زميلة بارزة في الدراسات الكورية بمجلس العلاقات الخارجية، في مقال لمجلة "فورين أفيرز" الأمريكية، أنه "من الصعب التنبؤ بالطبيعة الحقيقية لأي أزمة كورية شمالية مقبلة"، مضيفة أن "الاستفزازات غير المميتة" مثل الهجمات الإلكترونية ضد المؤسسات الحكومية والدفاعية، ينبغي توقعها على الأقل.
وفي سياق تناولها للسيناريوهات التي من شأنها إشعال فتيل الحرب بالمنطقة، أكدت أنه يمكن لبعض الإجراءات الكورية الشمالية أن تؤدي لمواجهة عسكرية مع جارتها الجنوبية، على غرار اختبارات الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، أو اختبار سلاح نووي تكتيكي، أو حتى الذهاب إلى ما هو أبعد من مجرد "استعراض القوة" بإطلاق "صاروخ فعلي" ضد كوريا الجنوبية، على غرار الحوادث التي وقعت في عام 2010، عندما قصفت بيونج يانج سفينة يونبيونج وأغرقت سفينة بحرية تابعة لسول، ما أسفر عن مقتل 46 من أفراد الطاقم.
أسباب التصعيد
وبحسب موقع "بيزنس إنسايدر"، فإن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون لديه أسباب عديدة للتصعيد، أهمها جذب الاهتمام الدولي، وتحسين الموقف التفاوضي، أو دق إسفين في التحالف الذي يجمع الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، الأمر الذي قد ينذر بصراع أوسع نطاقًا.
وعلى جهة أخرى، اتخذ رئيس كوريا الجنوبية، يون سوك يول، موقفًا أكثر صرامة تجاه كوريا الشمالية منذ انتخابه قبل عامين، ما أدى إلى تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة واليابان الأمر الذي رفضته جارته الشمالية.
ويرى المحللون، أن يون يستعد أيضًا لممارسة ضغوط متزايدة أمام كوريا الشمالية.
وقت حرج
وتأتي هذه الاستفزازات غير المسبوقة خلال فترة محفوفة بالمخاطر، إذ تستعد الولايات المتحدة الأمريكية نهاية هذا العام لاختيار رئيسها الجديد، بالإضافة إلى خسارة حزب يون سوك يول للانتخابات التشريعية في كوريا الجنوبية.
وفي حلقة حديثة من برنامج مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية "The Capital Cable" الذي يركز على مستقبل سياسة كوريا الشمالية، تحدث تيري عن احتمال حدوث استفزاز قبل الانتخابات الأمريكية، إذ كشفت التحليلات أن كوريا الشمالية أجرت أكثر من أربعة أضعاف اختبارات الأسلحة في سنوات الانتخابات الأمريكية عما فعلته في سنوات أخرى.
وقال فيكتور تشا، نائب الرئيس الأول لآسيا وكوريا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: "تظهر كوريا الشمالية ميلًا إلى تكثيف الاستفزازات خلال سنوات الانتخابات الأمريكية.. وفي حين أن الدبلوماسية يمكن أن تمنع بعض أعمال العنف، فقد رفض كيم جونج أون جميع دعوات إدارة بايدن للاجتماع، وبدلًا من ذلك، ضاعف النظام عدد الاختبارات منذ عام 2021، مقارنة بما كان عليه في ظل الإدارة الأمريكية السابقة".
وخلال الأشهر القليلة الماضية، شهدت العلاقات بين الكوريتين تحولًا ملحوظًا، تحديدًا عندما أعلنت بيونج يانج أن جارتها سول هي "عدوها الرئيسي" وهددت "بإبادتها تمامًا" في حالة استفزازها.