ضجة كبيرة أحدثها إعلان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، سعيه لإصدار أوامر اعتقال ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يوآف جالانت، ما دفع الكثيرين للسؤال حول معنى هذا الإعلان ومدى تأثيره على دولة الاحتلال وقادتها.
دعوة للضغط الأمريكي
وأعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، اليوم الاثنين، أنه يسعى لإصدار أوامر اعتقال ضد بنيامين نتنياهو، رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ويوآف جالانت، وزير الدفاع الإسرائيلي، بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
وذكرت صحيفة "جلوبس" العبرية، في تعليقها على إعلان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية "كريم خان"، أن الولايات المتحدة ليست دولة عضو في المحكمة ولا تسيطر عليها، وتستطيع منع إصدار أوامر الاعتقال، ليس بشكل مباشر، بل عن طريق الضغط.
ماذا تعني أوامر الاعتقال؟
ويعني إصدار أمر من المحكمة الجنائية الدولية أن جميع الدول الأعضاء في المحكمة البالغ عددها 124 دولة سيتعين عليها الانصياع للأوامر واعتقال من يدخل أراضيها، ما يعني أن قادة إسرائيل المتهمين بارتكاب جرائم حرب لن يتمكنوا من دخول هذه البلدان دون التعرض لخطر الاعتقال.
ورغم أن الولايات المتحدة ليست من الدول الأعضاء في المحكمة، وكذلك إسرائيل ليست أيضًا من بين أعضاء المحكمة، لكن المدعي العام للمحكمة ذكر أن لها اختصاصًا في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، وتم الاعتراف بالسلطة الفلسطينية كعضو في المحكمة، وفق "جلوبس".
وتوقعت الصحيفة العبرية أن الدول الأعضاء في المحكمة لن ترغب في خرق الأمر، وبالتالي تفضل ألا يقوم نتنياهو وجالانت بزيارة أراضيها، مشيرة إلى أن هناك مصدر قلق آخر، هو أن الدول قد تصدر أوامر اعتقال ضد الرتب الدنيا في الجيش والحكومة الإسرائيلية بعد هذا القرار.
النتائج المترتبة
وبعيدًا عن المعنى العملي لدخول الدول الأعضاء في المحكمة، فإن هذه الأوامر ستعتبر إسرائيل دولة غير شرعية وقد تغذي موجة معاداة السامية التي تتزايد بالفعل، وفق "جلوبس".
بالإضافة إلى ذلك، فإن إصدار أوامر الاعتقال قد يؤدي إلى فرض عقوبات اقتصادية على إسرائيل، بما في ذلك حظر الأسلحة، وهي خطوة شهدتها إسرائيل بالفعل في الأشهر الأخيرة.
وقال يوجين كونتوروفيتش، رئيس قسم القانون الدولي في منتدى كيهلات الإسرائيلي، "من الناحية العملية، فالقرار له معنى كبير، وسيتعين على نتنياهو وجالانت التفكير مرتين قبل الذهاب إلى بعض الدول الأوروبية دبلوماسيًا".
وأضاف "كونتوروفيتش" أن "القرار مثير للاشمئزاز، لكنه ليس كارثيًا، وأن محكمة العدل الدولية مثل الشعوذة، قوتها تعتمد على درجة الإيمان بها"، وفق صحيفة "معاريف".
وليس لدى المحكمة الجنائية الدولية قوة شرطة خاصة بها، ولذلك، فهي تعتمد على الدول الأعضاء البالغ عددها 124 دولة لتنفيذ أوامر الاعتقال ضد المشتبه في ارتكابهم جرائم.
التزام بالاعتقال
ورغم أن إسرائيل والولايات المتحدة ليستا من الدول الأعضاء فيها، لكن الدول الأوروبية تؤيد دستور المحكمة الجنائية الدولية، وملزمة قانونًا باعتقال أي شخص صدرت بحقه مذكرة اعتقال من جانب المحكمة الجنائية الدولية.
وانضمت السلطة الفلسطينية إلى المحكمة كعضو، الأمر الذي أثار غضب كبار المسؤولين الإسرائيليين، وتهديدات بأن أي إجراء تتخذه السلطة سيُنظر إليه على أنه عمل عدائي، ولذلك ضغطت إسرائيل حينها على حلفائها لقطع تمويلهم لمحكمة لاهاي.
وأوضح رئيس قسم القانون الدولي في منتدى كيهلات الإسرائيلي، أن أي جريمة ترتكب في الأراضي الفلسطينية من قبل أي طرف تقع ضمن اختصاص المحكمة، بما في ذلك الأحداث الجارية في غزة والضفة الغربية.
ولفت إلى أن العقبات التي وضعت أمام إيصال المساعدات إلى غزة قد يشكل جريمة تدخل في نطاق اختصاص المحكمة، ويجب على إسرائيل أن تبذل جهودًا كبيرة، ودون مزيد من التأخير، لضمان حصول المواطنين على احتياجات الحياة الأساسية.
المكانة الدولية
وتطرقت صحيفة "يديعوت أحرنوت" إلى أن الضرر الذي سيلحق بالمكانة الدولية لدولة الاحتلال الإسرائيلي في حال صدور الأوامر سيكون شديدًا في الوقت الذي تواجه فيه الحكومة الإسرائيلية بالفعل انتقادات من العالم، بشأن الطريقة التي تدار بها الحرب في غزة، وهو ما يتجلى أيضًا في تأخير شحنات الأسلحة من الولايات المتحدة.
ولم تستبعد الصحيفة العبرية "أن يؤدي مثل هذا القرار إلى إصدار أوامر إضافية ضد وزراء وضباط في الجيش الإسرائيلي، مثل قائد القوات الجوية ورئيس الأركان".