يقضي مروان البرغوثي أيامه في زنزانة انفرادية ضيقة ومظلمة، دون أي وسيلة لعلاج جراحه التي أصيب بها في كتفه جراء سحله، ويداه مكبلتان خلف ظهره، كما اختفت الكتب والصحف التي كان يستطيع الوصول إليها، ويتم إشعال الأضواء في محبسه كل مساء بهدف جعل النوم شبه مستحيل.
تعذيب وحشي
تتدهور حالة "البرغوثي" الصحية بشكل عام، إذ قال محاميه إيجال دوتان، الذي زاره في سجن "مجيدو" الإسرائيلي، إنه "فقد وزنه بشكل ملحوظ ولا يبدو بحالة جيدة، حتى إن أحدًا لن يتعرف عليه إذا قارن مظهره الحالي بالصور الشهيرة له"، مضيفًا أنه يكافح من أجل الرؤية بعينه اليمنى، نتيجة لأحد الاعتداءات، وفقًا لصحيفة "ذا جارديان" البريطانية.
واعتقل جيش الاحتلال البرغوثي على خلفية خمس تهم بالقتل، بينما اتهمه بتوجيه هجمات ضد مدنيين، وهو ما ينفيه المعتقل الفلسطيني، والذي يخشى محاموه ومؤيدوه من اعتباره أحد أبرز المعتقلين الفلسطينيين، ما قد يؤدي إلى تعرضه للإيذاء من سلطات الاحتلال، بهدف نقل رسالة إلى الآخرين مفادها أنه لا يوجد أحد في مأمن.
ويقول سجناء سابقون والعديد من جماعات حقوق الإنسان إن الظروف داخل سجون الاحتلال للفلسطينيين ازدادت وحشية بعد 7 أكتوبر الماضي.
كانت الأسيرة المفرج عنها، روضة موسى، صرّحت خلال حديثها مع موقع "القاهرة الإخبارية"، إن "الوضع داخل سجون الاحتلال أصبح مأساويًا بعد 7 أكتوبر، حيث تم عزلنا بشكل كامل وقطعوا عنّا الاتصال بالعالم الخارجي، فضلًا عن قطع الكهرباء، ومصادرة الأغراض الشخصية، إضافة إلى التنكيلات والقمع والتعدي علينا بالضرب".
وتضاعف عدد نزلاء السجون الإسرائيلية بعد أن بدأت قوات الاحتلال في شن غارات منتظمة في جميع أنحاء الضفة الغربية المحتلة، واعتقلت أكثر من 8755 شخصًا وفقًا لهيئة الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين السابقين. واحتجز معظمهم رهن الاعتقال الإداري، أي بدون تهمة.
الانتقام من السجناء
وتحاول السلطات الإسرائيلية التعامل مع جميع الأسرى بطريقة تسمح لها بالانتقام من الفلسطينيين، إذ قال قدورة فارس، رئيس هيئة الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين السابقين وحليف البرغوثي: "إنهم يستهدفون رموز النضال".
وقال البرغوثي لمحاميه خلال زيارتهم لسجن "مجيدو" في مارس الماضي، إنه في وقت سابق من ذلك الشهر، تم جره إلى منطقة في السجن لا توجد بها كاميرات أمنية وجرى الاعتداء عليه، ما تسبب في نزيف بأنفه، خاصة بعد تعرضه للضرب حتى يفقد وعيه.
أحصى "دوتان"، محامي البرغوثي، كدمات في ثلاثة أماكن على الأقل بجسد الأسير الفلسطيني عندما زاره بعد أسابيع، مضيفًا أنه من المحتمل أن يكون مصابًا بخلع في الكتف بسبب الاعتداء ويعاني من ألم مستمر، لكن مسؤولي السجن رفضوا إجراء فحص طبي كامل لإصاباته.
ونُقِل البرغوتي إلى ثلاثة مرافق احتجاز مختلفة منذ 7 أكتوبر الماضي، حيث احتُجز في كل مرة داخل حبس انفرادي، وقال "دوتان" إنه في ديسمبر الماضي في سجن أيالون، تعرض للضرب عدة مرات، بما في ذلك حادثة سب الحراس له، بينما تم سحله على الأرض عاريًا أمام سجناء آخرين.
سجون الاحتلال تتهرب
وقالت تال شتاينر، من المجموعة الحقوقية اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل PCATI: "ما تعرض له البرغوثي يرقى إلى مستوى التعذيب، لكن هذا أصبح أمرًا معتادًا في جميع مرافق الاحتجاز منذ 7 أكتوبر".
وذكرت "شتاينر" أن المجموعة الحقوقية جمعت 19 شهادة من السجناء، تصف الاعتداء الجسدي غيره من أنواع الإذلال بالإضافة إلى النوم والطعام والحرمان الطبي.
وأضافت: "إذا كانت هذه هي الطريقة التي يسمحون بها لأنفسهم بمعاملة السجناء البارزين مثل البرغوثي، فتخيل ما يفعلونه بالمحتجزين الذين ليس لديهم الصورة نفسها"، واصفة المستوى العام للانتهاكات بأنه "غير مسبوق".