في خضم الصراع على الانتخابات الأمريكية 2024، كشفت استطلاعات جديدة للرأي عن تحولات مثيرة في التوجهات السياسية للناخبين الأمريكيين، حيث يبتعد الشباب وغير البيض عن الرئيس الحالي، جو بايدن، إذ تلقي هذه الاستطلاعات التي أجرتها صحيفة نيويورك تايمز، بالتعاون مع كلية سيينا وصحيفة فيلادلفيا إنكوايرر، بظلالها على فرص إعادة انتخاب بايدن وتهدد بإعادة تشكيل خريطة المعركة الانتخابية.
الأزمة الاقتصادية
وفقًا لاستطلاعات الرأي، يعتبر أكثر من نصف الناخبين أن الاقتصاد في حالة سيئة، بانخفاض طفيف بنسبة 1% فقط منذ شهر نوفمبر الماضي، على الرغم من ارتفاع مؤشرات الأسهم بنسبة 25%.
تُظهر هذه النتائج أن الانتعاش الاقتصادي والجهود التي بذلتها إدارة بايدن لم تنجح بعد في إقناع الناخبين بتحسن الأوضاع. فالقضية الأكثر أهمية لحوالي ربع الناخبين هي الاقتصاد وتكاليف المعيشة المرتفعة، مما يشكل عقبة رئيسية أمام آمال الرئيس الحالي في إعادة انتخابه.
ويبدو أن هذا الاستياء من الأوضاع الاقتصادية يلعب لصالح المرشح الجمهوري دونالد ترامب، حيث يميل حوالي 40% من مؤيديه إلى اعتبار الاقتصاد أو تكاليف المعيشة هي القضية الأكثر أهمية في الانتخابات القادمة، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".
تقدم ترامب
وفي الواقع، تُظهر الاستطلاعات تقدم ترامب على بايدن في خمس ولايات رئيسية هي ميشيجان، أريزونا، نيفادا، جورجيا وبنسلفانيا، في حين يتقدم بايدن في ولاية واحدة فقط وهي ويسكونسن.
تغيير جذري
إلى جانب المخاوف الاقتصادية، تكشف الاستطلاعات عن رغبة قوية لدى الناخبين في إحداث تغييرات جذرية في النظامين السياسي والاقتصادي الأمريكيين، أو حتى هدمهما بالكامل، فما يقرب من 70% من الناخبين يعتقدون أن البلاد بحاجة إلى تغييرات كبرى، إن لم يكن اقتلاعًا تامًا للنظم القائمة.
وتنعكس هذه الرغبة الملحة في التغيير الجذري بشكل خاص بين الناخبين الشباب والناخبين من العرقيات المختلفة، وهم مجموعات تشكل العمود الفقري للتحالف الديمقراطي التقليدي.
فالاستطلاعات تُظهر أن ترامب وبايدن متساويان تقريبًا في أصوات الشباب من الفئة العمرية 18-29 عامًا، على الرغم من أن هذه الشريحة منحت بايدن أكثر من 60% من أصواتها في انتخابات 2020.
كما يحظى ترامب بدعم أكثر من 20% من الناخبين ذوي البشرة السمراء، وهو أعلى مستوى لدعم مرشح جمهوري منذ قانون الحقوق المدنية لعام 1964.
أما بالنسبة للناخبين الإسبان، فيتقاسم المرشحان أصواتهم بالتساوي، على الرغم من أن بايدن حصل على أغلبية أصوات هذه المجموعة في الانتخابات السابقة.
العدوان على غزة
إلى جانب الاقتصاد والرغبة في التغيير الجذري، أوضحت الاستطلاعات، أن العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة يلعب دورًا محوريًا في تآكل التأييد لبايدن بين قواعده الانتخابية التقليدية.
فوفقًا لنتائج الاستطلاعات، يُعتبر الاستياء من هذه الحرب وحصار غزة من بين العوامل الرئيسية التي تهدد بتفكيك تحالف بايدن الديمقراطي.
يبدو أن هذا الصراع العربي-الإسرائيلي المستمر يغذي الدعوات للتغيير الجذري التي تصب في مصلحة المرشح الجمهوري دونالد ترامب، إذ يميل الكثير من الناخبين الشباب وذوي البشرة السمراء، وهم الأكثر معارضة لسياسة بايدن تجاه القضية الفلسطينية، إلى اعتبار ترامب المرشح الأقدر على إحداث هذا التغيير المنشود.
وتكشف استطلاعات الرأي أن قوة ترامب بين هذه الشرائح التصويتية، قلبت خريطة المعركة الانتخابية رأسًا على عقب، على الأقل مؤقتًا، فهو يتقدم بفارق كبير في الولايات ذات التركيبة السكانية المتنوعة مثل أريزونا، جورجيا ونيفادا، حيث ساعدت أصوات السود والإسبان بايدن على تحقيق انتصارات في انتخابات 2020.
ومع ذلك، لا يزال بايدن في متناول اللحاق بترامب، إذ حافظ على معظم أصوات الناخبين البيض الأكبر سنًا، الذين يميلون إلى عدم المطالبة بتغييرات جذرية في النظام ويعتبرون قضية الديمقراطية هي الأهم في تصويتهم.
ونتيجة لذلك، بات بايدن أكثر تنافسية في الولايات الثلاث الشمالية ذات الأغلبية البيضاء وهي ميشيجان، بنسلفانيا ووسكونسن.