حذّر العلماء، من أن موجات الحر الشديدة التي جاءت مبكرًا، في بعض المناطق بجنوب شرق آسيا، والتي يقطنها مليار شخص، خاصة الهند، ماهي إلا علامة على ما سيأتي بعد ذلك، إذا لم تتحرك الدول لخفض درجة حرارة الأرض، والتي وصلت إلى ما يزيد على 50 درجة مئوية، في بعض مناطق القارة.
مدن أشباح
وسجلت السُلطات وفاة العشرات بسبب ضربة الشمس، خاصة ولاية البنغال التي مات فيها تسعة أشخاص على الأقل، وبحسب إذاعة npr الأمريكية، أغلقت عشرات المدارس أبوابها خوفًا من المخاطر الصحية الناجمة عن موجة الحر في الهند والفلبين خلال الفترة الماضية، وتحولت عدة مدن إلى مدن أشباح في فترة الظهيرة، ويحاول السكان الابتعاد قدر المستطاع عن الشمس.
وأشارت توقعات هيئة كوبرنيكوس لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي، في تقريرها السنوي لعام 2024 أنه ربما يشهد العام أحداثًا شديدة؛ بسبب التغيرات المناخية التي تسببت فيها الثورة الصناعية، حيث من المنتظر أن يشهد موجات من الحر أكثر تطرفًا، بجانب العديد من الفيضانات والجفاف وحرائق الغابات.
حلقة مفرغة
ودفعت المراوح الكهربائية ومكيفات الهواء الطلب على الكهرباء في الهند إلى مستوى قياسي، وبحسب NPR، فإن المشكلة هي أن 70% من احتياجات الهند من الكهرباء تأتي من الفحم، وتعمل الحكومة على تحويل قطارات الركاب إلى خدمة نقل البضائع، لتسريع إمدادات الفحم إلى محطات الطاقة المحاصرة، كما تستورد المزيد من الفحم من الخارج.
ويؤدي انقطاع التيار الكهربائي المستمر إلى الإضرار بالإنتاج الصناعي، وعلى المدى القصير، يقول الخبراء إن الهند ليس لديها خيار سوى حرق الفحم للحفاظ على تشغيل المراوح وأجهزة التكييف، لكن على المدى الطويل، يجب أن تنتقل إلى مصادر الطاقة المتجددة، لتجنب الدخول في حلقة مفرغة من ظاهرة الاحتباس الحراري.
جرس إنذار
ويتعرض أكثر من مليار شخص لخطر الإصابة بالأمراض المرتبطة بالحرارة في جميع أنحاء جنوب آسيا، ووفقًا للموقع تقوم المستشفيات بتجهيز أماكن خاصة، وقد جاءت موجة الحر هذه أيضًا في وقت حرج بالنسبة لمحصول القمح في المنطقة، كما في ولاية البنجاب الهندية -سلة الخبز في البلاد- التي يشكو المزارعون فيها من انخفاض إنتاجية المحاصيل.
وقال علماء من معهد علوم الأرض وتغير المناخ إن محصول القمح المخيب للآمال قد يكون نذيرًا لما سيأتي، إذا لم تفعل البلدان كل ما في وسعها لخفض انبعاثات الكربون، والحد من درجات الحرارة إلى أقل من درجتين مئويتين، تماشيًا مع توصيات الأمم المتحدة، مشيرًا إلى أن الهند تعطي جرس إنذار، ويتعين على كل دولة أن تدرك أن العلامات التحذيرية لن تُعطى لنا إلى الأبد.
الأحداث المتطرفة
وسجل عام 2023 عددًا كبيرًا من الأحداث المتطرفة في جميع أنحاء العالم، والتي كان لها -وفقًا لكوبرنيكوس- آثار كبيرة على صحة الإنسان والنظم البيئية والطبيعة والبنية التحتية، حيث زادت انبعاثات الكربون العالمية المقدرة من حرائق الغابات في عام 2023 بنسبة 30% مقارنة بعام 2022، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى حرائق الغابات المستمرة في كندا، وهو ما يستمر في 2024.