بينما تتزايد الأصوات والمطالبات الشعبية بفرض عقوبات على دولة الاحتلال الإسرائيلي بسبب العدوان الوحشي على قطاع غزة، كثّف حلفاء إسرائيل ضغوطهم عليها في الأسابيع الأخيرة للسماح بدخول المزيد من المساعدات إلى القطاع لتجنب تفاقم الأزمة الإنسانية، لكن القليل منهم فرض حتى الآن عقوبات حقيقية، أو قاطع المنتجات الإسرائيلية.
وبينما أعلنت تركيا أنها لن تستأنف التجارة حتى يتم التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة، رفضت فرنسا استبعاد فرض قيود على الإسرائيليين، بينما علّقت شيلي جميع أوجه التعاون مع تل أبيب، ومنعت ممثليها من حضور معرضها الجوي الأبرز؛ كما لفت تقرير لـ"دويتش فيله".
تركيا
في أول إجراء مهم ضد إسرائيل منذ بدء الحرب، أعلنت تركيا أنها لن تستأنف التجارة مع إسرائيل، بقيمة 7 مليارات دولار سنويًا، حتى يتم التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار والمساعدات الإنسانية في غزة.
وفي أبريل الماضي، قيّدت تركيا بالفعل صادرات 54 فئة من المنتجات، بما في ذلك الصلب والأسمدة ووقود الطائرات، بسبب ما قالت إنه رفض إسرائيل السماح لأنقرة بالمشاركة في عمليات إسقاط المساعدات الجوية لغزة.
وفي الوقت الحالي، فإن أنصبة التجارة المتبقية، التي بلغت 5.4 مليار دولار من الصادرات التركية، و1.6 مليار دولار من الواردات الإسرائيلية العام الماضي، متوقفة الآن.
وأمس الجمعة، قال وزير التجارة التركي عمر بولات إن "موقف إسرائيل المتصلب" والوضع المتدهور في منطقة رفح الفلسطينية جنوب قطاع غزة، دفعا تركيا إلى وقف جميع الصادرات والواردات.
وقال "بولات" إن بلاده قررت وقف الصادرات والواردات من إسرائيل وإليها، وتتفاوض مع الفلسطينيين حول ترتيبات بديلة لضمان عدم تأثرهم بهذا القرار.
من ناحية أخرى، انتقد يسرائيل كاتس وزير الخارجية الإسرائيلي، الخطوة التركية قائلًا إنها تنتهك اتفاقات التجارة الدولية؛ فيما أشادت حركة حماس بالقرار، ووصفته بأنه شجاع وداعم للحقوق الفلسطينية.
تشيلي
الشهر الماضي، أبلغت الحكومة التشيلية إسرائيل أنه سيتم منع شركاتها من المشاركة في المعرض الدولي للطيران والفضاء لعام 2024 FIDAE.
ويعتبر المعرض، الذي تنظمه القوات الجوية التشيلية، المعرض الرئيسي للطيران والدفاع في أمريكا اللاتينية، حيث يجمع عارضين من أكثر من 40 دولة.
وإضافة إلى الحظر، ألغت تشيلي جميع أنشطة التعاون أو التدريب مع إسرائيل على الأراضي التشيلية، وأعلنت أنها لن تشتري بعد الآن أي أسلحة أو أنظمة دفاعية أو أمنية من إسرائيل، كما طلبت تشيلي، في يناير الماضي، من المحكمة الجنائية الدولية التحقيق في تصرفات إسرائيل في غزة والأراضي المحتلة.
القوى الغربية
في مقابل المواقف الحازمة، ومن بين القوى الغربية الكبرى، كانت فرنسا وحدها هي التي طرحت فكرة العقوبات للضغط على إسرائيل لسحب قواتها من غزة، والسماح بوصول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين النازحين.
الثلاثاء الماضي، قال وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه لإذاعتي RFI و"فرانس 24" إن بلاده لديها طرق متعددة للاستفادة من نفوذها على تل أبيب "ومن الواضح أنه يمكننا فرض المزيد من العقوبات".
كان سيجورنيه يشير إلى العقوبات المستهدفة التي فرضتها الولايات المتحدة وكندا وفرنسا والمملكة المتحدة على المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة.
ففي واشنطن، قامت إدارة بايدن في فبراير الماضي، بتسمية بؤرتين استيطانيين إسرائيليين، والعديد من المستوطنين الإسرائيليين، الذين اتهمتهم بتقويض الاستقرار في المنطقة، وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن البؤر الاستيطانية "بمثابة قواعد للعنف ضد الفلسطينيين".
كما فرض البيت الأبيض عقوبات على العديد من الإسرائيليين الذين اتهمهم بالتورط في أعمال عنف في الضفة الغربية، إذ تُجمد العقوبات أي أصول أمريكية لأولئك المستهدفين وتمنع الأمريكيين بشكل عام من التعامل معهم.
إضافة إلى هذا، تخطط إدارة بايدن للمطالبة بوضع علامة واضحة على البضائع المنتجة في مستوطنات الضفة الغربية، حسبما ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية الأسبوع الماضي.
أيضًا، فرضت كندا وفرنسا والمملكة المتحدة قيودًا مماثلة على العديد من المستوطنين الإسرائيليين.
حركة المقاطعة
في الوقت الحالي، تساعد العديد من التطبيقات الرقمية المستهلكين على مقاطعة الشركات التي تعتبر داعمة لإسرائيل وحربها على غزة.
وتسمح التطبيقات، بما في ذلك تطبيق يسمى Boycat للمستخدمين في أوروبا، يقوم بمسح الرمز الشريطي لأي منتج ورؤية روابطه إلى دولة الشرق الأوسط.
أيضًا، يوفر التطبيق مجموعة مختارة من المنتجات التي يمكن للمستهلكين شراؤها بدلاً من ذلك.
بدأت حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل (BDS) في يوليو 2005، وهي حركة سلمية يقودها الفلسطينيون، تعمل على تعزيز المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات الاقتصادية ضد دولة الاحتلال.
وقد انطلقت الحملة بنداء من 171 منظمة فلسطينية، ثم امتدت لتشمل كثيرين من المتضامنين مع القضية.
ونقلت "دويتش فيله" عن المؤسس المشارك للحملة، عمر البرغوثي، قوله إن الحركة استلهمت طريقها من الحركة المناهضة للفصل العنصري في جنوب إفريقيا.
ولدى حركة المقاطعة الآن فروع في 40 دولة، كما دعت إلى مقاطعة الأحداث الرياضية والثقافية والأكاديمية الإسرائيلية، ودعت إلى الضغط على الشركات الأجنبية التي تتعاون مع الاحتلال.
وفي مقابل انتشار الحركة دوليًا، تتهم إسرائيل والولايات المتحدة الحركة بانتظام بمعاداة السامية.
كانت المحكمة العليا في الاتحاد الأوروبي، قضت في عام 2019، بوجوب وضع علامة على البضائع الواردة من مستوطنات الضفة الغربية، على أنها قادمة من الأراضي المحتلة، ولا تعني أنها جاءت من إسرائيل.