"إن القضاء على الوكالة أصبح أحد أهداف الحرب الإسرائيلية".. هي صرخة جديدة أطلقها فيليب لازاريني، المفوض العام للأونروا، وسط مقاطعة غير مسبوقة من الجانب الأمريكي والغربي لشريان الحياة لنحو 6 ملايين فلسطيني.
أحد أهداف الحرب
صحيفة "فايننشال تايمز" نقلت عن "لازاريني"، قوله إن "القضاء على الوكالة أصبح أحد أهداف الحرب الإسرائيلية، وأنه مستمر في منصبه ما دامت الوكالة قادرةً على دعم الناس وإيصال صوت اللاجئين الفلسطينيين، وبشكل عام، لا أحد في إسرائيل يحب ولاية الأونروا - وكلما كانوا أكثر عقائدية، كلما زادوا رغبتهم في القضاء على الأونروا".
"لازاريني" أضاف "إن الأونروا مع أخذها على محمل الجد المزاعم بشأن تورط موظفين لديها في هجوم السابع من أكتوبر الماضي، فإن إسرائيل لم تقدم دليلًا على تلك المزاعم حتى الآن، وربما ندفع ثمن ارتفاع صوتنا في لفت الانتباه إلى محنة سكان غزة، والكارثة الإنسانية التي تتكشف أمام أعيننا".
ولا يقدم تقييم الاستخبارات، الذي اطلعت عليه "فاينانشيال تايمز"، أي دليل على هذه الادعاءات، التي تقول إنها تستند إلى اعتراضات الهواتف الذكية وبطاقات الهوية التي تم الاستيلاء عليها.
إغلاق حساب أونروا
وفي تطور مفاجئ، قرر بنك لئومي الإسرائيلي إغلاق الحساب البنكي لوكالة UNRA زاعمًا أن الأموال الموجودة في حساب المنظمة التابعة للأمم المتحدة والتي من المفترض أن تساعد اللاجئين هي مساعدة العناصر الإرهابية في قطاع غزة، وفق صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية.
وأعلن البنك عن القرار في رسالة بعث بها إلى وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، وأشار إلى أنه بسبب الأخبار المتعلقة بأنشطة الأونروا التي نشرت في الأيام الأخيرة، هناك اشتباه حقيقي في استخدام غير قانوني لأموال المنظمة لأغراض إرهابية ضد دولة إسرائيل، وفق بيان للبنك.
عقاب جماعي
وأعلنت 18 دولة، تعليق تمويل الأونروا ردًا على الاتهامات الإسرائيلية ضد الوكالة، ما يثير تساؤلات حول الآثار المترتبة على عمليات الوكالة والديناميات الأوسع التي تنطوي على الدعم الدولي للاجئين الفلسطينيين.
ووصف المدير العام للأونروا فيليب لازاريني خطوات تعليق التمويل بأنها "عقاب جماعي إضافي للفلسطينيين الذين يعانون بالفعل مما يقرب من أربعة أشهر من القصف الإسرائيلي المتواصل.
وقال "لازاريني" في بيان: "بينما تستمر الحرب في غزة بلا هوادة، وفي الوقت الذي تدعو فيه محكمة العدل الدولية لمزيد من المساعدات الإنسانية، فقد حان الوقت لتعزيز الأونروا وليس إضعافها".
مليار و103 ملايين
ووفق "الأونروا"، فإن أكبر 25 جهة مانحة للأونروا من حيث التعهدات في عام 2022 تضخ تمويلًا بنحو مليار و103 ملايين و200 ألف دولار، وهي (أمريكا $343.9 مليون)، (ألمانيا $202 مليون)، (الاتحاد الأوروبي $114.1 مليون)، (السويد 60.9 $ مليون)، (النرويج $34.1 مليون)، (اليابان $30.1 مليون)، (فرنسا 28.9 $ مليون)، (السعودية 27 $ مليون)، (سويسرا $25.5 مليون)، (تركيا 25.1 $ مليون)، (كندا $23.7 مليون)، (هولندا $21.1 مليون).
أيضا (بريطانيا $21.1 مليون)، (إيطاليا 18 $ مليون)، (الدنمارك $15.8 مليون)، (أستراليا $13.7 مليون)، (إسبانيا $13.5 مليون)، (بلجيكا 12.5 $ مليون)، (الكويت $12 مليون)، (قطر $10.5 مليون)، (أيرلندا 8.51$ مليون)، (النمسا $8.1 مليون)، (فنلندا 7.8$ مليون)، (لوكسمبورغ 7.5$ مليون)، (الأراضي الفلسطينية 5.8$ مليون).
دعوة لعدم وقف التمويل
وأعلنت النرويج أنها لن تعلق تمويلها للأونروا، وقالت هي من كبار المانحين لأونروا بنحو $34.1 مليون، الأربعاء، إنها تحث الدول التي علقت تمويلها للأونروا على النظر في تداعيات أفعالها على سكان غزة، لتكون أول دولة أوروبية تدعو لعدم وقف تمويل الوكالة.
وقال إسبن بارت أيده، وزير الخارجية النرويجي، الخميس، إنه "متفائل إلى حد ما بأن بعض الدول التي أوقفت تمويل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" ستستأنف تمويلها، بحسب ما أوردته "رويترز".
جائزة "نوبل"
وقال النائب العمالي ونائب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان النرويجي، أسموند أوكروست، لصحيفة "داغبلاديت" إنه رشّح الأونروا لجائزة السلام "نوبل" لعملها طويل الأمد في تقديم الدعم الحيوي لفلسطين والمنطقة بشكل عام، لقد كان هذا العمل أساسيًا لأكثر من 70 عامًا، وازداد حيوية في الأشهر الثلاثة الماضية".
وأعلنت الوكالة الأممية عبر حسابها على منصة إكس، "إنها قد تضطر إلى وقف عملياتها في قطاع غزة حيث الحرب بين حركة حماس وإسرائيل مع حلول نهاية فبراير الجاري"، فيما أكدت جولييت توما مديرة بالوكالة لـ"رويترز" أن عمليات الوكالة في منطقة الشرق الأوسط وليس غزة وحدها ستتوقف على الأرجح بحلول نهاية فبراير إذا استمر تعليق التمويل.
ما هي الأونروا؟
تدعم الوكالة التابعة للأمم المتحدة، ستة ملايين لاجئ فلسطيني، هي المزود الرئيسي للمساعدات الإنسانية في غزة تحت القصف الإسرائيلي، وتوظف في غزة 13 ألف شخص، وتدير المدارس وعيادات الرعاية الصحية وغيرها من الخدمات الأساسية.
لماذا أنشئت؟
تم إنشاء الأونروا من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في 8 ديسمبر 1949 لتوفير الدعم الأساسي بما في ذلك الغذاء والرعاية الصحية والتعليم لعشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين، لقد تم تهجير أكثر من 700 ألف فلسطيني قسرًا قبل قيام إسرائيل عام 1948، وهو ما يتذكره الفلسطينيون بالنكبة أو "الكارثة".
وتدعم الأونروا الفلسطينيين الذين يعيشون داخل فلسطين وخارجها، وتقدم خدمات مباشرة، مثل المدارس ومراكز الصحة الأولية وغيرها من الخدمات الاجتماعية، كما تقدم القروض للفلسطينيين، وتنتشر عملياتها في جميع أنحاء الضفة الغربية المحتلة - بما في ذلك القدس الشرقية وقطاع غزة وسوريا ولبنان والأردن.
مليون فلسطيني
منذ أن شنت إسرائيل حربها على غزة في 7 أكتوبر، لجأ ما يقرب من مليون فلسطيني من غزة، أو ما يقرب من 45 بالمئة من سكان القطاع، إلى مدارس الأونروا وعياداتها ومبانيها العامة الأخرى، حيث يعتمد جميع سكان غزة تقريبا الآن على الوكالة للحصول على الضروريات الأساسية، بما في ذلك الغذاء والمياه ولوازم النظافة.
ويعمل أكثر من 30 ألف فلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية وفي مخيمات اللاجئين الواسعة في الدول العربية المجاورة لصالح الأونروا. وتزايدت أهمية خدماتها في غزة منذ عام 2005، عندما فرضت إسرائيل ومصر حصارا تسبب في انهيار اقتصادي مع واحد من أعلى معدلات البطالة في العالم.
وفي ديسمبر 2023، قررت منظمة العمل الدولية وجهاز الإحصاء الفلسطيني أن ما لا يقل عن 66% من الوظائف فقدت في غزة منذ اندلاع الحرب. تساعد الأونروا في تقليص فجوة البطالة بين الفلسطينيين من خلال توفير فرص العمل لهم.
مخيمات اللاجئين
في غزة، تم تسجيل 1,476,706 فلسطيني كلاجئين في ثمانية مخيمات للاجئين الفلسطينيين، وفي الضفة الغربية المحتلة، يعيش حوالي ربع اللاجئين المسجلين البالغ عددهم 871,537 لاجئًا في 19 مخيمًا للاجئين، بينما يعيش آخرون في البلدات والقرى، وهناك تسعة مخيمات رسمية وثلاثة مخيمات غير رسمية في سوريا، حيث يعيش 575,234 لاجئًا فلسطينيًا مسجلًا، كما يعيش 489,292 لاجئًا فلسطينيًا في مخيمات اللاجئين الـ12 في لبنان، ويعيش في الأردن 2,307,011 لاجئًا، حيث توجد 10 مخيمات تابعة للأونروا. هناك ثلاثة مخيمات غير رسمية ويعيش لاجئون آخرون حول المخيمات.
تهديد شديد بالمجاعة
بعد أن قام أكبر المانحين للأونروا بتجميد مساعداتهم لها، أصبح هناك تهديد شديد بالمجاعة للفلسطينيين داخل غزة وخارجها، وقال توماس وايت، مدير شؤون الأونروا في غزة ونائب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة: "من الصعب أن نتصور أن سكان غزة سوف ينجو من هذه الأزمة بدون الأونروا".
وظهرت مزاعم إسرائيل الأخيرة تجاه موظفي الأونروا في نفس اليوم الذي صدر فيه الحكم المؤقت لمحكمة العدل الدولية الذي يأمر إسرائيل بمنع أعمال الإبادة الجماعية وزيادة المساعدات لغزة.
وكتب سفير المملكة المتحدة السابق لدى أوزبكستان كريغ موراي أن الاتهامات الموجهة ضد موظفي الأونروا الـ 12 "توفر رواية دعائية مضادة لحكم محكمة العدل الدولية، وتقلل من مصداقية أدلة الأونروا أمام المحكمة".