فتاة في الرابعة عشرة من عمرها، يزوجها أهلها لـ مأمور سجن يمنعها من مغادرة المنزل أو حتى النظر من الشباك، تعيش طفولتها كالسجينة، وتُرزق بمولود وتظل في هذا المنزل لمدة عام لا ترى الشارع ولا تعرف شكله، ولكن تأتيها النجاة على يد والد زوجها الذي يقرر أن يرفع عنها الظلم الذي تعيشه مع ابنه ويعيدها إلى منزلها، وهناك تقرر تلك الفتاة أن تبحث عن الحياة والفن، وتعوض ما فاتها، إذ حلمت بأن تكون نجمة سينمائية يذيع صيتها في كل الوطن العربي، ليتحقق الحلم وتصنع "زوزو نبيل" مجدًا يتوارثه الأجيال حتى الآن.
مشوارها الفني
عزيزة إمام حسين ابنة المنوفية التي ولدت في يوليو 1920، وتحل ذكرى رحيلها اليوم، كانت موهبتها طاغية في الفن منذ الصغر، والتحقت بفرقة مختار عثمان لتصقل تلك الموهبة، ورغم أن والدتها لم تكن توافق إلا أنها أقنعتها بضرورة ذلك، وبدأت من هنا تنتقل "زوزو" من فرقة إلى أخرى حتى قابلت الفنان يوسف وهبي.
السينما كانت هدف زوزو نبيل وأرادت أن تصنع لها عالمًا كبيرًا في هذا المجال، لذلك كانت توافق في بدايتها على أى دور يقابلها حتى تدخل أبواب السينما وتقترب منها أكثر وشاركت بمجموعة من الأدوار الصغيرة في عدة أفلام مهمة منها "ساعة التنفيذ"، "قلب امرأة"، "عاصفة على الريف"، "الدكتور" وغيرها، وصادف أن ظهرت بدور صديقة أم كلثوم في فيلم "سلامة"، حتى ذاع صيتها وصنعت فرقًا في هذا المجال وقدمت ما يقرب من 100 فيلم.
موهبة "زوزو" كانت طاغية أمام الكاميرا خصوصا في تقديم الأدوار المركبة والصعبة، وهذا جعل المخرجين يرشحونها دائمًا لتلك النوعية من الشخصيات، والمخرج حسن الإمام أحب موهبتها وتواجدت معه في 12 عملًا.
لم تكتفِ زوزو نبيل بما قدمته في السينما وصنعت نجاحًا موازيًا ولا يقل أهمية في الدراما التلفزيونية وقدمت ما يزيد على 100 مسلسل من أبرزها: "محمد رسول الله، رحلة المليون، جواري بلا قيود، لا إله إلا الله، ألف ليلة وليلة: عروس البحور، مولد نجمة، ملحمة الحب والرحيل، غوايش، على باب الوزير، عظمة يا ست، صباح الورد، الوهم والسلاح، يوميات ونيس".
ولم تهتم زوزو بالمسرح بشكل كبير لذلك نجد أن أعمالها قليلة في هذا الاتجاه ولم تتجاوز الـ 5 مسرحيات، وأيضًا المسلسلات الإذاعية لم تكن في أولوياتها ولكنها لم تمانع من المشاركة في عدد منها أبرزها علي بابا والأربعين حرامي، شخصيات تبحث عن مؤلف، الخياطة، لسان العصفور.
مناصب إدارية
لم تكتفِ زوزو نبيل بما قدمته للفن من خلال السينما والتلفزيون، بل قررت أن تخدم الفن بكل ما تملك، وعملت في عدد من المناصب الإدارية لفترة، فهي رقيبة لمدة ثلاث سنوات في رقابة المصنفات الفنية، ومديرة المسرح الشعبي بوزارة الثقافة، ولم تكتفِ بهذا بل كانت تقوم بالتدريس لمادة الإلقاء بمعهد السينما مع الفنان عبد الوارث عسر حتى وصلت لدرجة وكيل وزارة.
رفض الاعتزال
لا تحب زوزو نبيل فكرة الاعتزال ورفضت أن تذكر تلك الكلمة أمامها، وعندما خرجت شائعات اعتزالها لكبر سنها غضبت وقالت في أحد لقاءاتها التلفزيونية: "الفنان الحقيقي لا يعتزل إلا عندما يموت، وأنا الآن في الخامسة والسبعين والتمثيل يجعلني على الأقل أصغر بعشر سنوات وإذا اعتزلت التمثيل سأكبر عشر سنوات فأكيد سأختار أن أُصبح في الخامسة والستين بدلًا من الخامسة والثمانين".
زواج مرة أخرى
بعد تجربتها المريرة في الزواج الأول وهي في سن صغير، عاشت زوزو نبيل الحزن مرة أخرى حينما استشهد ابنها نبيل في حرب أكتوبر 1973، لذلك تعلقت بأحفادها كثيرًا وظلت معهم، وبعد فترة تزوجت زوج زوزو مرة ثانية من وكيل وزارة كان متزوجًا من امرأة تسكن في نفس الشارع الذي تقطن هي فيه، وانتقلت للعيش مع زوجته الأولى وأولاده، وقالت عن تلك الفترة في لقاء تلفزيوني: "ربطتنا علاقة صداقة رائعة وكنت أتباهى بأننا أكثر من شقيقتين، واستمرت صداقتنا حتى النهاية".
جوائز
هذا المشوار الفني الحافل لـ زوزو نبيل كلل بالعديد من الجوائز أبرزها جائزة التمثيل عن فيلم أنا حرة، كما كرمت في عدد من المهرجانات الفنية منها مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط، وتكريمها من قبل مهرجان القاهرة السينمائي الدولي للعام 1996 ولكنها لم تستطع الحضور وذلك لمرضها في آخر أيامها وتسلّمت الجائزة بدلًا عنها زوجة ابنها.
رحيل
بعد هذه الرحلة الطويلة والأعمال الخالدة إلى الآن في مثل هذا اليوم عام 1996، فارقتنا زوزو نبيل نتيجة التهاب رئوي حاد وعجز في القلب، ورحلت قبل أن ترى احتفاء الجمهور بآخر أفلامها "رجل مهم جدًا"، ولكنها ساكنة في قلوب كل من أحبوها.