بعد اعتقاده أنه كان يبيع معلومات سرية لمسؤول روسي، أُدين موظف سابق في وكالة الأمن القومي الأمريكيNSA، باع المعلومات لعميل سري في مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI، بالسجن لمدة 22 عامًا تقريبًا.
وقال القاضي ريموند مور، الذي تولى المحاكمة، إنه كان بإمكانه وضع جيراه سيباستيان دالك، 32 عامًا، خلف القضبان لفترة أطول، واصفًا الحكم بالسجن لمدة 262 شهرًا -وهي العقوبة التي طلبها المدعون الفيدراليون- بأنه "رحمة".
وكان محامو دالك، الذي أقر بأنه مذنب في تهم التجسس الخريف الماضي في صفقة مع الادعاء العام، قد طالبوا بالحكم بالسجن لمدة 14 عامًا، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن المعلومات لم تقع في أيدي العدو وتسببت في أضرار.
كما دافع مساعد المحامي العام الفيدرالي لولاية كولورادو، ديفيد كراوت عن عقوبة مخففة، قائلًا إن دالك عانى من إصابة دماغية مؤلمة، وحاول الانتحار أربع مرات، وتعرض لصدمة عندما كان طفلًا، بما في ذلك مشاهدة العنف المنزلي وتعاطي المخدرات.
وقال المحامي العام إن الأبحاث أظهرت أن هذا النوع من صدمة الطفولة يزيد من خطر انخراط الأشخاص لاحقًا في سلوك خطير. حسبما نقلت عنه صحيفة "بوليتيكو".
وفي وقت لاحق، قال دالك، الذي أعرب عن شعوره بالندم والخجل، إنه عانى أيضًا من اضطراب ما بعد الصدمة، والاضطراب ثنائي القطب، والوسواس القهري؛ نافيًا أن تكون دوافعه أيديولوجية أو لكسب المال من خلال الموافقة على بيع الأسرار.
لكن مور قال إنه متشكك في ادعاءات دالك بشأن ظروفه؛ لأن الدفاع لم يقدم أي آراء خبراء أو سجلات المستشفى.
إحداث تغيير
وفقًا لوثائق المحكمة، فإن دالك، الذي عمل في وكالة الأمن القومي لمدة شهر تقريبًا، أخبر عميل مكتب التحقيقات الفيدرالي السري أنه يريد "إحداث تغيير"، بعد التشكيك في دور الولايات المتحدة وأنها تتسبب في ضرر للعالم.
لكنه قال أيضًا إنه مديون كذلك بـ 237 ألف دولار ديونًا، ويُزعم أيضًا أنه قال للعميل الفيدرالي إنه قرر العمل مع روسيا "لأن تراثه يرتبط ببلده".
وحصل دالك في البداية على 16499 دولارًا أمريكيًا بالعملة المشفرة، مقابل مقتطفات من بعض المستندات التي مررها إلى العميل لإظهار ما لديه، ثم عرض بيع بقية المعلومات التي لديه مقابل 85000 دولار أمريكي، وفقًا لصفقة الإقرار بالذنب.
هكذا، وجهه عميل مكتب التحقيقات الفيدرالي للذهاب إلى محطة قطار وسط مدينة دنفر في 28 سبتمبر 2022، وإرسال المستندات باستخدام اتصال رقمي أمن خلال رابط مدته أربع ساعات.
بالفعل، وصل دالك ومعه جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص به، واستخدم الاتصال لأول مرة لإرسال رسالة شكر باللغة الروسية، والتي قال فيها إنه يتطلع "إلى صداقتنا والمنفعة المشتركة"، وفقًا لاتفاق الإقرار بالذنب.
وبعد لحظات من استخدامه لجهازه لنقل جميع الملفات، اعتقله عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي.
وبحسب لائحة الاتهام، فإن المعلومات التي سعى دالك إلى تقديمها لروسيا تضمنت تقييم التهديد للقدرات الهجومية العسكرية لدولة ثالثة لم يذكر اسمها.
كما يتضمن الاتهام أيضًا وصفًا للقدرات الدفاعية الأمريكية الحساسة، والتي يرتبط بعضها بنفس الدولة الأجنبية.
كر وفر
ليست قضية دالك وحدها التي أثارت الرأي العام الأمريكي في الوقت الحالي، فمنذ تصاعد الحرب الروسية في أوكرانيا، طفت على السطح الكثير من قضايا التجسس لحساب روسيا، أو من خدعهم مكتب التحقيقات الفيدرالي لكشف نواياهم.
ففي مارس الماضي، اتهمت وزارة العدل الأمريكية موظفًا مدنيًا بالقوات الجوية، لمشاركته معلومات دفاعية سرية على منصة أجنبية للمواعدة عبر الإنترنت، حول الحرب الروسية على أوكرانيا.
واتُّهم الكولونيل المتقاعد بالجيش الأمريكي، ديفيد فرانكلين سلاتر، 63 عامًا، من نبراسكا، بإرسال معلومات إلى شخص يدّعي أنه امرأة تعيش في أوكرانيا في الفترة من فبراير إلى أبريل 2022.
وفي بيان أعلنت فيه لائحة الاتهام، زُعم أن "سلاتر نقل معلومات سرية عن الدفاع الوطني NDI، عن عمد وبشكل غير لائق وغير قانوني" تعلمها من خلال إحاطات إعلامية، لامرأة تم تحديدها في لائحة الاتهام على أنها "المتآمر المشارك".
ولم تتضمن لائحة الاتهام أي معلومات حول هوية الشخص الذي تواصل معه "سلاتر" على موقع المواعدة أو بلده الأصلي، ولم تذكر اسم الموقع.
وفي حالة إدانته، فقد يواجه سلاتر عقوبة السجن لمدة تصل إلى 10 سنوات، وثلاث سنوات من الإفراج تحت الإشراف، وغرامة قدرها 250 ألف دولار عن كل تهمة.
في المقابل، نشرت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، مطلع يناير الماضي، مقطع فيديو باللغة الروسية في محاولة لإقناع العاملين في أجهزة الاستخبارات الروسية بتغيير مواقفهم، والعمل كعملاء مزدوجين لواشنطن. وفق تقرير لـ"رويترز".
وحاول الفيديو، الذي تم نشره على منصات التواصل الاجتماعي الرسمية لجهاز الاستخبارات الأمريكي، جذب من يوحي بأنهم "روس وطنيون يعملون في وكالات الاستخبارات"، الذين قد يشعرون بالخيانة بسبب ما أسموه بـ"الفساد في دوائر النخبة ".
ويُعد الفيديو الأحدث في سلسلة مقاطع فيديو للتجنيد تستهدف روسيا، ويضم طرق الاتصال بالاستخبارات الأمريكية، وجاء فيه: "قد لا يرغب من حولك في سماع الحقيقة. لكننا نريد ذلك، أنت لست عاجزًا".
وكان مدير وكالة المخابرات المركزية وليام بيرنز، قال في يوليو الماضي، إن السخط بين بعض الروس بشأن الحرب في أوكرانيا يخلق فرصة نادرة لتجنيد جواسيس، وإن "وكالة المخابرات المركزية لن تسمح بمرور هذه الفرصة".
وحسب "رويترز"، قال مسؤول في وكالة المخابرات المركزية: "إننا نشهد المزيد من التواصل من جانب الروس نتيجة لمقاطع الفيديو هذه".