في خطوة نادرة وغير مسبوقة في تاريخ العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة الأمريكية وحليفتها التقليدية إسرائيل، كانت وزارة الخارجية الأمريكية في طريقها لفرض عقوبات صارمة على واحدة من كتائب جيش الاحتلال الإسرائيلي البارزة، وهي كتيبة "نتساح يهودا" العاملة في الضفة الغربية المحتلة، بعد اتهامات موثقة بارتكابها انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، إلا أن هذه العملية توقفت مؤقتًا بعد ضغوط دبلوماسية وسياسية شديدة من حكومة الاحتلال وأعضاء من الكونجرس الأمريكي وحتى من بعض كبار المسؤولين داخل إدارة الرئيس جو بايدن.
العودة للخلف
ونقل موقع "أكسيوس" الأمريكي عن مصادر أمريكية مطلعة أن وزارة الخارجية الأمريكية قررت وقف نيتها المبدئية بفرض عقوبات على كتيبة "نتساح يهودا" الإسرائيلية، والتي كانت ستشمل حجب المساعدات العسكرية والتدريب عن هذه الكتيبة بسبب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المنسوبة إليها في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأشارت المصادر المطلعة إلى أن هذا التراجع المؤقت جاء بعد أن قدمت إسرائيل في الأيام القليلة الماضية معلومات جديدة حول هذا الموضوع، ما دفع وزارة الخارجية لمراجعة القضية في إطار عملية تشاور منصوص عليها في اتفاق ثنائي بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
قانون منع الانتهاكات الجسيمة
كانت إدارة الرئيس جو بايدن تنوي اتخاذ هذا الإجراء الاستثنائي وغير المسبوق في تاريخ العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، استنادًا إلى قانون صدر في عام 1997 بقلم السيناتور السابق باتريك ليهي، يحظر صراحة تقديم أي مساعدات أجنبية أو برامج تدريب عسكرية أمريكية للوحدات الأمنية والعسكرية والشرطية الأجنبية التي ثبت بشكل موثوق ارتكابها انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، في خطوة تعكس التزام الولايات المتحدة بمعاييرها وقيمها المتعلقة بحقوق الإنسان حتى مع حلفائها الأقربين.
رفض إسرائيلي حاد
ولم تكن النية الأمريكية بفرض عقوبات على إحدى كتائب جيش الاحتلال مقبولة على الإطلاق لدى القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية، بحسب ما أشار "أكسيوس"، إذ فاجأت هذه الخطوة قادة إسرائيل ودفعتهم للرد بغضب شديد.
وأدلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزعيم المعارضة يائير لابيد بتصريحات علنية حادة، انتقدا فيها بشدة نية الإدارة الأمريكية وطالباها صراحة بعدم المضي قدمًا في فرض أي عقوبات على الكتيبة الإسرائيلية.
كما ناقش الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوج هذا الموضوع الشائك مع نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس، فيما تباحث وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت ووزير الأمن الداخلي بيني جانتس حول نفس القضية مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، في محاولة للضغط على الإدارة الأمريكية لثنيها عن قرارها.
ووفقًا لـ"أكسيوس" فإنه خلال هذه المحادثات الدبلوماسية الحادة، كانت الرسالة الإسرائيلية واضحة وصريحة للغاية حسبما أفاد بها مسؤولون إسرائيليون، وهي أن إدارة الرئيس بايدن يجب عليها إعادة النظر في نيتها الخطيرة بفرض عقوبات على كتيبة "نتساح يهودا" التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي.
وفي الأيام القليلة الماضية، جرت العديد من المكالمات الهاتفية بين محامين من جيش الاحتلال الإسرائيلي ووزارة الخارجية الإسرائيلية وبين مسؤولين في وزارة الخارجية الأمريكية، شاركت إسرائيل خلال هذه الاتصالات معلومات جديدة مع الجانب الأمريكي حول الكتيبة المعنية، وفقًا لمصادر إسرائيلية وأمريكية.