أثار تقرير لجنة المراجعة المستقلة التابعة للأمم المتحدة الذي برأ وكالة الأونروا من المزاعم الإسرائيلية حول مشاركة موظفي الوكالة في هجوم 7 أكتوبر الماضي، غضب وزارة الخارجية بدولة الاحتلال الإسرائيلي.
وخلصت لجنة المراجعة المستقلة التابعة للأمم المتحدة، إلى أن إسرائيل لم تقدم أي دليل حول مزاعمها، وأن الوكالة "أكثر حيادًا من كيانات الأمم المتحدة المماثلة الأخرى أو المنظمات غير الحكومية"، وحددت "عدة مشاكل تحتاج إلى تحسين فوري".
تشكيك إسرائيلي
وردًا على التقرير، زعمت إسرائيل دون دليل، أن أكثر من 2,135 موظفًا في الأونروا ينتمون إما إلى حماس أو الجهاد الإسلامي الفلسطيني، وأن "خمس مديري مدارس الأونروا هم أعضاء في حماس"، وفق "واشنطن بوست".
وجاء في البيان الصادر عن أورين مارمورستين، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، أن "التقرير يتجاهل خطورة المشكلة، ويقدم حلولًا تجميلية لا تتعامل مع النطاق الهائل لتسلل حماس إلى الأونروا"، وفق صحيفة "معاريف" العبرية.
وشككت المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية في تقرير لجنة المراجعة المستقلة التابعة للأمم المتحدة، قائلة: "لا يبدو هذا بمثابة فحص حقيقي وشامل، يبدو هذا بمثابة رغبة في تجاوز المشكلة وعدم تسميتها باسمها".
ودعت الخارجية الإسرائيلية الدول المانحة إلى "الامتناع عن تحويل أموال دافعي الضرائب التابعين لها إلى وكالة الأونروا في غزة، لأنها ستذهب إلى حماس، وهو ما يتعارض مع تشريعات الدول المانحة نفسها"، وفق "يديعوت أحرنوت".
كما دعت قائلةً "إسرائيل تدعو الدول المانحة إلى تحويل أموالها إلى منظمات إنسانية أخرى في غزة، وأن الأونروا في غزة جزء من المشكلة وليست جزءًا من الحل، وهناك حلول أخرى، فلا يمكن للأونروا أن تكون جزءًا من الحل في غزة".
تقييم الوكالة
وأنشأ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو حوتيريش مجموعة المراجعة المستقلة في فبراير "لتقييم ما إذا كانت الوكالة تفعل كل ما في وسعها لضمان الحياد والرد على مزاعم الانتهاكات الجسيمة عند ارتكابها".
وتحدثت المجموعة مع أكثر من 200 شخص، بما في ذلك كبار قادة الأونروا في جميع أنحاء المنطقة ومسؤولين من الدول المانحة والدول المضيفة وإسرائيل والسلطة الفلسطينية ومصر، خلال المراجعة التي استمرت تسعة أسابيع.
وحدد تقريرها النهائي مجموعة متنوعة من التدابير، بما في ذلك تدريب الموظفين وإجراءات التحقيق، التي اتخذتها الوكالة للحفاظ على الحياد وتأديب الموظفين الذين ينتهكون المبادئ الإنسانية.
وذكر التقرير الأممي "أن الأونروا لديها آليات لمنع إساءة استخدام منشآتها لأغراض سياسية أو عسكرية، رغم أنها دعت إلى إجراء المزيد من عمليات التفتيش المنتظمة"، وفق واشنطن بوست".
قوائم الموظفين
وفيما يتعلق بفحص الموظفين، قال التقرير "إن الأونروا تشارك قوائم الموظفين سنويا مع الدول المضيفة ومع إسرائيل فيما يتعلق بالقدس الشرقية وغزة والضفة الغربية، وتتلقى الولايات المتحدة أيضًا القوائم عند الطلب، وإن هذه الدول مسؤولة بعد ذلك عن رفع أي أعلام حمراء، لكن إسرائيل لم تفعل ذلك منذ عام 2011".
وأبلغت وزارة الخارجية الإسرائيلية المجموعة بأنها تلقت قوائم موظفين بدون أرقام هوية فلسطينية قبل مارس 2024، فيما قال التقرير: "على أساس قائمة مارس 2024، التي تحتوي على أرقام الهوية الفلسطينية، أصدرت إسرائيل ادعاءات علنية بأن عددًا كبيرًا من موظفي الأونروا هم أعضاء في منظمات إرهابية، ومع ذلك، لم تقدم إسرائيل بعد أدلة داعمة على ذلك".
فحص جميع العاملين
وتقوم الأونروا بفحص جميع العاملين مرتين سنويًا وفقًا لقائمة عقوبات الأمم المتحدة، لكن القائمة "تقتصر على عدد قليل من الأفراد، والأونروا تفتقر إلى دعم أجهزة المخابرات لإجراء تدقيق فعال وشامل.
ووافقت الأونروا بالفعل على تزويد الجهات المانحة بقوائم بأسماء موظفيها، بما في ذلك معلومات بطاقة الهوية، كل ثلاثة أشهر. ودعا التقرير الدول المضيفة وإسرائيل إلى فحص الموظفين ومشاركة أي مخاوف، وفق "واشنطن بوست".
كما بحثت المجموعة في الادعاءات الإسرائيلية بأن المدارس التي تديرها الأونروا تعتمد على مواد تعليمية تنكر حق إسرائيل في الوجود وتمجد المقاومة العنيفة. وقال التقرير "إن الأونروا اتخذت خطوات لإزالة المواد المسيسة من الكتب المدرسية للسلطة الفلسطينية"، مشيرًا إلى أنها وجدت "جزءًا صغيرًا" من صفحات الكتب المدرسية يحتوي على محتوى غير مرغوب فيه.
الأونروا فريدة من نوعها
تعتبر الأونروا فريدة من نوعها في النظام البيئي للأمم المتحدة لأنها توفر الخدمات الأساسية لمجموعة سكانية محددة وتستقطب معظم موظفيها البالغ عددهم 32,000 موظف من مجموعة اللاجئين الفلسطينيين الذين تخدمهم.
وجاء في التقرير أن "انتهاكات الحياد من قبل موظفي الأونروا غالبًا ما تأخذ شكل منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، لا سيما في أعقاب حوادث العنف التي تؤثر على الزملاء أو الأقارب"، وأوصى بأن تبذل الوكالة المزيد من الجهد لخلق مساحة للعاملين لمناقشة الأحداث المؤلمة.
ومع ذلك، فإن سياسة الوكالة - كما حددتها مجموعة المراجعة - تتطلب أن يظهر الموظفون الحياد في جميع الأوقات أو المخاطرة باتخاذ إجراءات تأديبية. وترفض الأونروا بشدة الاتهامات بأنها مخترقة على نطاق واسع من قبل حماس أو متواطئة في النشاط المسلح. وتقول إن إسرائيل لم تقدم بعد أدلة مفصلة تدعم مزاعمها.
لم يشك مجتمع الاستخبارات الأمريكي في المزاعم الإسرائيلية بشأن موظفي الأونروا في 7 أكتوبر، لكنه لم يتمكن من التحقق منها، حسبما قال مسؤولون لصحيفة "واشنطن بوست" في فبراير، مستشهدين بنقص المعلومات المستقلة.
مضايقات متزايدة
ويقول موظفو الضفة الغربية إنهم واجهوا مضايقات متزايدة من قبل الجنود والمستوطنين الإسرائيليين، وفي القدس الشرقية، يسعى السياسيون الإسرائيليون إلى طرد الأونروا من مقرها الرئيسي.
وقال جلعاد إردان، سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، أمام مجلس الأمن الدولي الأسبوع الماضي، "لقد حان الوقت لوقف تمويل الأونروا".
وعلى الرغم من الخطاب المتشدد، فإن بعض المسؤولين الإسرائيليين يعترفون بهدوء بأنه ليس لديهم بديل عملي للوكالة، خاصة وأن غزة تعاني من أزمة إنسانية غير مسبوقة، حيث يتعرض أكثر من مليوني شخص لخطر المجاعة، وفق "واشنطن بوست".
العمود الفقري
وقال المفوض العام لوكالة (الأونروا) فيليب لازاريني، لمجلس الأمن الأسبوع الماضي، "إن الأونروا هي العمود الفقري للعملية الإنسانية في غزة، مما يمثل محاولة يائسة للدول الأعضاء لدعم وكالة تتعرض لضغوط هائلة".
واستعاد معظم المانحين الرئيسيين التمويل منذ يناير الماضي، لكن مساهمات الولايات المتحدة التي بلغت 422 مليون دولار في عام 2023 والتي تجاوزت مساهمات أكبر المانحين التاليين معلقة حتى مارس 2025، بعد أن قام الجمهوريون في الكونجرس بفرض حظر تمويل لمدة عام على حزمة الإنفاق الحكومي الشهر الماضي.
ومع ذلك، قال نائب السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة روبرت وود لمجلس الأمن يوم الأربعاء "إن الأونروا تلعب دورًا لا غنى عنه في غزة".
وقال المتحدث باسم الأونروا ستيفان دوجاريك في بيان يوم الاثنين "إن جوتيريش قبل توصيات التقرير اتفق مع لازاريني على أن الأونروا ستضع خطة عمل لتنفيذها".