كشفت وثائق أممية عن تعرض موظفي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" لحملة ممنهجة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلى في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية، وفق ما ذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية.
وتسجل الوثائق، التي جمعتها "الأونروا" مئات الحوادث التي تتراوح بين تعصيب أعين موظفي الوكالة الأممية، وضربهم عند نقاط التفتيش، واستخدام قوات الاحتلال لمنشآت الأمم المتحدة كمواقع لإطلاق النار، في أثناء الغارات على مخيمات اللاجئين الفلسطينيين.
وقالت جولييت توما، المتحدثة باسم الأونروا، إن الأحداث التي وقعت في الضفة الغربية - حيث تدير الوكالة 96 مدرسة و43 عيادة صحية لـ871.000 لاجئ مسجل - والمفصلة في الوثائق الداخلية كانت "جزءًا من نمط أوسع من المضايقات التي نشهدها ضد الأونروا في عام 2018 بالضفة الغربية والقدس".
وذكرت الوثائق أن "موظفي الأونروا في الضفة الغربية المحتلة تعرضوا للإساءة اللفظية، وخضعوا للتحقق من الهوية والتفتيش، وطُلب منهم رفع ملابسهم لإثبات عدم حيازتهم أسلحة".
بالإضافة إلى ذلك، "تم تسجيل انتهاكات فاضحة على نحو متزايد لامتيازات وحصانات الأمم المتحدة، بما في ذلك دخول أفراد مسلحين إلى منشآت الأونروا كجزء من عمليات قوات الاحتلال الإسرائيلية، فضلًا عن الأضرار التي لحقت بمنشآت الأونروا في أثناء هذه العمليات".
وتستشهد الوثائق باتفاقية امتيازات وحصانات الأمم المتحدة، المعتمدة في عام 1946، التي بموجبها يحق لوكالات الأمم المتحدة "القيام بأنشطة لدعم ولايتها دون عوائق".
وفي واحدة من أخطر الحوادث المذكورة بالوثائق، أوقف جنود الاحتلال اثنين من موظفي الأونروا في مركبة تحمل علامة الأمم المتحدة عند نقطة تفتيش مؤقتة، فبراير 2024، في أثناء محاولتهما مغادرة قرية فلسطينية بالقرب من بيت لحم.
وفي هذه الواقعة، نزع جنود الاحتلال مفاتيح المركبة "بالقوة" وأجبروا الموظفين على الخروج تحت تهديد السلاح، وأمروهم بعد ذلك بالركوع، وتم تعصيب أعينهم، وتقييد أيديهم بأسلاك بلاستيكية، وتعرضوا للضرب قبل أن يتدخل ضابط كبير.
وتصف الوثائق أيضًا استخدام قوات الاحتلال لمنشآت الأونروا، خلال العمليات العسكرية في الضفة الغربية المحتلة.
ومنذ 7 أكتوبر الماضي، سجلت الأونروا 135 اعتداءً من قبل قوات الاحتلال، استهدف عياداتها أو مدارسها أو مكاتبها، بدءًا من التوغلات وسوء الاستخدام وصولًا إلى العمليات العسكرية.
وتشير الوثائق إلى أن قوات الاحتلال شنت 8 ديسمبر الماضي، غارة استهدفت مسلحين في "مخيم الفارعة" للاجئين في شمال الضفة الغربية المحتلة، إذ اقتحمت بوابة المركز الصحي التابع للأونروا هناك، وأنزلت علم الأمم المتحدة.
وجاء في الوثائق أن المركز الصحي كان مميزًا بوضوح بعلم الأمم المتحدة ولافتاته، حين اقتحم ما لا يقل عن 10 جنود إسرائيليين المبنى المغلق، وشوهدوا وهم يزيلون علم الأمم المتحدة على السطح، واتخذوا مواقعهم على الشرفات ونوافذ الطابق العلوي وسطح المبنى وأسلحتهم النارية موجهة نحو المخيم.
وبعد انسحاب قوات الاحتلال من المخيم، وتمكن موظفو الأونروا من العودة بأمان إلى المركز الصحي، عُثر على ذخيرة مستهلكة في المبنى. وأدت الغارة الإسرائيلية إلى استشهاد 6 فلسطينيين، من بينهم فتى يبلغ من العمر 14 عامًا.
وأحد المواقع التي تعاني المشكلات المتكررة هو مخيم العروب للاجئين، جنوب بيت لحم، الذي وضعته سلطات الاحتلال، تحت قيود مشددة منذ 7 أكتوبر، إذ تم تركيب بوابات معدنية جديدة للتحكم في الوصول إلى الطريق السريع القريب وإلقاء التربة أو الصخور لسد الطرق الخلفية.
وعلى الرغم من الجهود المبذولة للتنسيق مع سلطات الاحتلال، فقد تم منع موظفي الأونروا في مخيم العروب وما حوله في كثير من الأحيان من السفر، وتم تفتيش سياراتهم وتعرضوا للإهانة، كما ورد في الوثائق، التي تقول إن هذه العوامل جعلت التخطيط العملياتي صعبًا للغاية بالنسبة للأونروا في مخيم العروب.
وتقول إحدى وثائق الأونروا إن عمليات الإغلاق والقيود على الحركة في الضفة الغربية المحتلة خلقت "صعوبات اقتصادية عميقة، خاصة بالنسبة للفلسطينيين الذين يعملون في مدينة مختلفة أو الذين يعتمدون على السفر إلى إسرائيل للعمل".
ومنذ 7 أكتوبر، استشهد 418 فلسطينيًا - من بينهم 407 على يد قوات الاحتلال وتسعة على يد المستوطنين - في جميع أنحاء الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وفقًا للأمم المتحدة أيضًا.