كشفت الحكومة النرويجية عن اقتراح لزيادة الإنفاق الدفاعي بمقدار 600 مليار كرونة (51 مليار يورو) في السنوات 12 المقبلة، واصفة إياه بأنه "دفعة تاريخية"، إذ تهدف البلاد إلى مضاعفة ميزانيتها الدفاعية الحالية لزيادة قاعدتها الصناعية وتوسيع قواتها المسلحة.
وقال رئيس الوزراء جوناس جار ستور: "نحن بحاجة إلى دفاع مناسب للغرض في البيئة الأمنية الناشئة"، وأضاف: "تمثل هذه الخطة دفعة تاريخية في الإنفاق الدفاعي، وتتضمن تعزيزًا كبيرًا لجميع فروع القوات المسلحة".
وتعتزم النرويج، وهي أحد الأعضاء المؤسسين لحلف شمال الأطلسي، التي تشترك في حدود القطب الشمالي مع روسيا، تحقيق هدف الحلف المتمثل في إنفاق 2% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع هذا العام للمرة الأولى.
تخطيط أطول
نقلت النسخة الأوروبية من صحيفة "بوليتيكو" عن نائبة وزير الدفاع، آن ماري آنيرود، على هامش مؤتمر الدفاع النرويجي- الأمريكي في واشنطن قولها: "نحن بحاجة إلى استثمارات كبيرة في قواتنا، وستسمح 12 عامًا بدورة تخطيط أطول ومزيد من القدرة على التنبؤ".
وتهدف النرويج إلى إنفاق 1.6 تريليون كرونة إجمالاً بحلول عام 2036، أي ضعف ميزانية الدفاع الحالية، لتعزيز قاعدتها الصناعية وتنمية قواتها المسلحة.
وستحصل البحرية على الجزء الأكبر من الأموال، بما يسمح بجلب ما لا يقل عن خمس فرقاطات جديدة مزودة بمروحيات مضادة للغواصات، وخمس غواصات جديدة على الأقل، إضافة إلى 10 سفن كبيرة و18 سفينة أصغر.
كما تعتزم أوسلو شراء أنظمة دفاع جوي بعيدة المدى؛ مضاعفة عدد أنظمة الصواريخ أرض-جو الوطنية المتقدمة NASAMS))، والتي سيتم ترقيتها لتوفير حماية أفضل ضد الصواريخ والطائرات بدون طيار؛ وزيادة المراقبة بمزيد من السفن والأقمار الصناعية والطائرات بدون طيار.
كما تخطط النرويج لزيادة عدد المجندين الإلزاميين بنحو 4600 جندي و13700 جندي احتياطي بحلول عام 2036.
الإنفاق الدفاعي القطبي
مع استمرار العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، ودخولها العام الثالث بلا أمل في الوصول إلى حل لوقف القتال، بدأت الدول الأوروبية -خاصة الواقعة في مظلة حلف الناتو- خطط تحديث إنفاقها الدفاعي، في حال امتداد الصراع مع موسكو نحو أراضيها.
وكان أول من استشعر الخطر جارة شمالية أخرى لروسيا وهي السويد، التي ظلت على مدى مئتي عام دولة محايدة، إذ لم تغامر قواتها المسلحة بتجاوز أرخبيلاتها الضخمة، حتى عندما غازلت برنامج الأسلحة النووية الدفاعية خلال السنوات الطويلة للحرب الباردة.
وحتى قبيل انضمامها لحلف شمال الأطلسي "الناتو"، أدى الهجوم الروسي على أوكرانيا في عام 2014، الذي فقدت كييف خلاله شبه جزيرة القرم وأجزاء من منطقة دونباس، فكّر السويديون أنهم قد يصيروا بدورهم هدفًا لموسكو.
هكذا، بدأت الميزانية العسكرية السويدية في النمو بخطوات صغيرة. وفي عام 2019، قبل اندلاع جائحة كوفيد-19 مباشرة، عاد طاقم البحرية السويدية إلى القاعدة البحرية الجبلية.
وفي عام 2020، بدأت ميزانية الدفاع تقفز إلى حوالي 6.25 مليار دولار، أو 1.2% من الناتج المحلي الإجمالي للسويد.
وسيتم تعزيز ميزانية العام المقبل بما يقرب من الثلث، ليصل إجمالي ميزانية الدفاع إلى حوالي 11 مليار دولار.
وبدورها، تتوقع السويد أن تحقق هدف حلف الأطلسي البالغ 2% من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي بحلول موعد قمة الحلف في واشنطن، المقرر عقدها في يوليو المقبل.
أيضًا، في مطلع مارس الماضي، أعلنت دولة اسكندنافية ثالثة تجاور روسيا في الشمال، وهي الدنمارك، أنها ستزيد إنفاقها الدفاعي بمقدار 5.43 مليار يورو، خلال السنوات الخمس المقبلة عبر الاستثمار في تعزيز قدراتها العسكرية وتقديم دعم إضافي لأوكرانيا.
وقالت وزارة الدفاع الدنماركية في بيان لها، إن "الحكومة تخطط لزيادة الإنفاق الدفاعي بمقدار 40.5 مليار كرونة بين 2024 و2028".
وأوضحت رئيسة الوزراء ميتي فريدريكسن، أنه بهذه الزيادة ستخصص الدنمارك أكثر من 2% من إجمالي ناتجها المحلي الإجمالي للدفاع في 2024.
وفي أغسطس من العام الماضي، أعلنت فنلندا أنها ستحافظ على الإنفاق الدفاعي بنسبة 2% على الأقل من ناتجها المحلي لعدة سنوات، ودعت دول الاتحاد الأوروبي إلى أن تحذو حذوها؛ بل وتسخى في الإنفاق على التسلح.
وقالت وزيرة الخارجية الفنلندية إلينا فالتونين، إن "فنلندا تريد أن تكون مثالًا يحتذى به، وتحث الدول الأوروبية على الاستثمار أكثر في ميزانيات الدفاع"، بحسب وكالة أنباء "نوفوستي".
وأضافت أن أوروبا يجب أن تتحمل مسؤولية أكبر عن أمنها جنبًا إلى جنب مع حلفائها الأمريكيين.
وأكدت أن حكومة رئيس الوزراء بيتيري أوربو ملتزمة بالحفاظ على الإنفاق الدفاعي الفنلندي بنسبة 2% على الأقل من الناتج المحلي، بما يتوافق مع هدف "الناتو"، خلال ولاية الحكومة الحالية.