على الرغم من التعنت الإسرائيلي في استمرار الحرب الغاشمة التي يشنها الاحتلال على غزة منذ 5 أشهر، ورفض إسرائيل مناقشة أي أمور من شأنها إعادة الهدوء للقطاع مرة أخرى، عملت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على وضع خطط أولية تشمل عددًا من الخيارات لتحقيق الاستقرار في غزة بعد انتهاء الحرب، أبرزها نشر قوات على الأرض بدعم مالي أمريكي، بجانب إعادة إعمار القطاع المدمر.
ويرفض الاحتلال الإسرائيلي الاستجابة لأي جهود عالمية، لإيقاف الإبادة الجماعية في قطاع غزة، ضاربًا بعرض الحائط التحذيرات الأمريكية والقرارات الأممية الأخيرة من مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية، إذ تحولت أجزاء كبيرة من القطاع إلى "كومة رماد"، ونزح قرابة 80% من السكان البالغ عددهم 2 ونصف المليون فلسطيني، في مخيمات وملاجئ بمدينة رفح الفلسطينية، المكتظة أساسًا بالسكان، إذ أصبحوا يقيمون على مساحة 20% فقط من أراضي غزة، في الوقت الذي استشهد فيه ما يقرب من 32 ألفًا، أغلبهم من النساء والأطفال، بينما أُصيب 73 ألفًا آخرون، بجانب تدمير هائل في البنية التحتية وأكثر من 60% من المباني في الشمال والجنوب.
قوات متعددة الجنسيات
أكد عدد من المسؤولين في وزارة الدفاع الأمريكية لصحيفة بوليتيكو، أن إدارة بايدن تجري محادثات تشمل البيت الأبيض والبنتاجون ووزارة الخارجية ونظراءهم الأجانب، لوضع خيارات تشمل اليوم التالي لغزة بعد انتهاء وانحسار الأزمة، مشيرين إلى أن إسرائيل مترددة في إجراء هذه المحادثات حتى تهزم حماس عسكريًا وتضمن إطلاق سراح المحتجزين.
ويشمل أحد الخيارات التي ناقشها المسؤولون تمويل قوة متعددة الجنسيات تعمل على توفير الأمن في القطاع، مشددين على أن تلك القوات لن تشمل فرقًا أمريكية على الأرض، وبدلًا من ذلك ستوفر أمريكا مساعدات مالية يمكن استخدامها نحو احتياجات قوات الأمن، واستخدامها في زيادة المساعدات وإعادة إعمار القطاع والبنية التحتية وغيرها من الخدمات التي يحتاجها الفلسطينيون.
فرقة الأمن الفلسطينية
تشمل الخطط المتوقعة نشر فريق حفظ السلام بقيادة فلسطينية، ووفقًا للصحيفة يمكن أن يكون عددهم يقرب من 20 ألفًا من أفراد الأمن المدعومين من السلطة الفلسطينية، لكن من غير الواضح ضمن الخطة من سيقوم بتدريب وتجهيز أعضاء فرقة السلام الفلسطينية، إلا أن المسؤولين شددوا على أن تلك الخطط تعتبر خيارات جادة وقابلة للتطبيق بعد انتهاء الحرب، التي يضغط العالم لإيقافها.
ولم تحظى تلك الخطة باهتمام إسرائيل، التي دعت بعض الأصوات بداخل حكومتها إلى احتلال غزة بعد الحرب، وهو اقتراح عارضته الولايات المتحدة وفقًا للمسؤولين، مشيرين إلى أن الأمر سيكون مختلفًا إذا كانت الإدارة والحكومة الإسرائيلية متفقتين على الطريق إلى الأمام لما بعد الحرب، لكن الوضع الحالي ينم عن خلافات كبيرة خاصة بعد رفض الولايات المتحدة استخدام حق الفيتو في قرار مجلس الأمن الأخير.
حل الدولتين
يعتبر حل الدولتين واحدًا من الخطط التي ناقشها المسؤولون، ورغم المحادثات بين الإدارة الأمريكية والدول الفاعلة في الشرق الأوسط، حول ما سيكونون على استعداد للقيام به والمساهمة فيه وقبوله بخصوص تلك القوات سواء متعددة الجنسيات أو قوة فلسطينية، إلا أن ذلك لم يحظ باهتمام جدي من إسرائيل التي ترفض حتى الآن وضع نهاية أو أي إشارة لقرب نهاية الحرب في القطاع.
وأخبرت العديد من الدول الإقليمية إدارة بايدن أنها لن تفكر في المشاركة، إلا قبل رؤية التزام واضح من الجانبين الإسرائيلي والأمريكي بحل الدولتين، وهو ما جعل فكرة حل الدولتين بحسب مسؤولي البنتاجون مطروحة للنقاش على الطاولة ضمن خطط ما بعد انتهاء الحرب على غزة.
وبحسب المسؤولين، يستغرق الأمر أسابيع أو أشهر قبل أن توافق واشنطن وشركاؤها على أي خطة من هذا النوع، وهو ما جعل التركيز الأمريكي الآن ينصب حول فكرة زيادة تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة، بما في ذلك ضمان أمن خطة الجيش الأمريكي لبناء رصيف لتوصيل الموارد عن طريق البحر إلى القطاع، وحث إسرائيل على النظر في "بدائل" للحصار الكامل الذي يفرضه الاحتلال.