أدى القصف الإسرائيلي المستمر، وانقطاع التيار الكهربائي، إلى خروج كل المستشفيات في شمال قطاع غزة المحاصر عن الخدمة، مع وجود أدلة على الهجمات المتكررة على المرافق الطبية وبالقرب منها، رغم وجود الأطباء والمرضى والمدنيين بداخلها، وفقًا لتحليل أجرته شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية.
وتضرر ما لا يقل عن 20 من أصل 22 مستشفى حددتها شبكة "سي إن إن" في شمال غزة، في أول شهرين من العدوان الإسرائيلي على غزة، في الفترة من 7 أكتوبر إلى 7 ديسمبر، وذلك وفقًا لمراجعة 45 صورة للأقمار الصناعية ونحو 400 مقطع فيديو من الأرض، بالإضافة إلى مقابلات مع أطباء وشهود عيان ومنظمات إنسانية.
ويزعم الاحتلال الإسرائيلي، أن مقاتلى الفصائل يعملون داخل المستشفيات وتحتها، وتستخدمها في العمليات العسكرية، بما في ذلك مراكز القيادة ومخازن الأسلحة وإخفاء المحتجزين.
وشككت "سي إن إن" في صحة مقاطع فيديو نشرها الاحتلال كدليل على عمليات منسوبة لمقاتلى الفصائل في المستشفيات. وأرسلت الشبكة قائمة بالمستشفيات التي تم تحديدها على أنها تضررت أو دمرت إلى جيش الاحتلال، الذى ردّ نافيًا إنه نفذ أي هجمات مستهدفة ضد المستشفيات في قطاع غزة، زاعمًا أن "حماس" تسيء استخدام المستشفيات والمرافق الطبية بشكل منهجي.
وذكرت الشبكة، أن تتبع كيفية تأثير القصف الجوي الإسرائيلي على المستشفيات في شمال غزة يعطي إحساسًا بحجم ونطاق الدمار الذي أحدثه العدوان على النظام الصحي في القطاع، والتأثير على المدنيين الذين اعتمدوا على المرافق للمأوى والرعاية، وهم بحاجة إلى خدماتها الآن أكثر من أي وقت مضى.
وحددت "سي إن إن" 22 مستشفى في شمال غزة، ودرست صور الأقمار الصناعية ولقطات لكل موقع. وأظهر التحليل الذى أجرته الشبكة أن 20 مستشفى تضررت أو دمرت نتيجة القصف الإسرائيلي المستمر خلال أول شهرين من الحرب.
وأظهرت صور الأقمار الصناعية أن الحفر القريبة من 11 مستشفى تتفق مع تلك التي خلفتها القنابل التي تزن 2000 رطل، حيث تم إسقاط الذخائر على مسافة قريبة بما يكفي لتكون المستشفيات ضمن نطاق الشظايا المميت، والذي يصل إلى 365 مترًا (حوالي 1198 قدما).
وتعرض 14 مستشفى للقصف المباشر، ويبدو أن العديد منها -بما في ذلك الشفاء والقدس- تعرضت لاقتحام من قبل قوات الاحتلال.
وأظهرت الصور التي حصلت عليها "سي إن إن"، أن القصف الإسرائيلي أدى إلى تسوية اثنين من المستشفيات بالأرض بالكامل، وأجبرت الهجمات الإسرائيلية مستشفيات الأطفال الثلاثة في القطاع، على وقف تقديم الخدمات. كما توقفت المستشفيات الوحيدة التي تقدم علاجًا مخصصًا للسرطان والعلاج النفسي عن العمل بعد تعرضها للأضرار. وبحلول نهاية الفترة المستعرضة، كانت أربعة مستشفيات فقط تعمل جزئيًا، ولم يكن لدى أي منهم القدرة على إجراء عمليات جراحية، وفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
وذكرت منظمة الصحة العالمية في 21 ديسمبر الماضى، إنه لا توجد مستشفيات تعمل في شمال غزة، وإن المرضى المصابين الذين لم يتمكنوا من النقل "ينتظرون الموت". ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، كانت ستة مستشفيات في الشمال تعمل بشكل جزئي حتى 10 يناير الجارى.
وألقت "سي. إن. إن" نظرة متعمقة على تدهور أكبر المرافق الطبية في غزة، وهما الشفاء والقدس، اللذان توقفا عن العمل في نوفمبر الماضى، جراء القصف الإسرائيلي.
وذكرت الشبكة، بعد مراجعة الأدلة من أول شهرين من الحرب، أن المرافق التي ينبغي حمايتها يتم قصفها وتطويقها وإطلاق النار عليها بالدبابات، وأن البنية التحتية المحيطة وسيارات الإسعاف والطرق يجري تدميرها، مما أثر على جهود علاج المرضى وإخلاء المرافق وتوصيل المساعدات.
ونقلت الشبكة عن الخبراء الذين راجعوا صور شظايا الذخائر، والحفر الكبيرة، والدبابات، وثقوب قذائف الدبابات، وآثار المركبات المدرعة الثقيلة، أن تلك الأضرار ناجمة عن الأسلحة التي يستخدمها جيش الاحتلال.
واختتمت الشبكة بالتأكيد على أن المستشفيات والمؤسسات الطبية الأخرى، تعتبر مرافق مدنية محمية بموجب القانون الإنساني الدولي، ومن غير القانوني مهاجمتها، أو منعها من تقديم الرعاية الطبية.