"نعتقد أن الوقت قد حان لدفن الرفات".. هكذا علقت مكتبة هارفارد على قرارها بإزالة كتاب عمره 100 عام، صُنع غلافه بواسطة جلد مريضة متوفية، إذ تم إزالة جميع صور الجلد من الكتالوج عبر الإنترنت ومنشورات المدونة الخاصة بالمكتبة، ولن يكون الكتاب نفسه متاحًا إلا للباحثين في المستقبل دون غلافه بعد أن تمت رقمنته بالكامل.
وتعد مكتبة هارفارد، أقدم نظام مكتبات في الولايات المتحدة، وبجانب كونها أكبر مكتبة أكاديمية، تعد أيضًا أكبر مكتبة خاصة في العالم، إذ تحتوي مجموعتها على أكثر من 20 مليون مجلد، و400 مليون مخطوطة، و10 ملايين صورة، ومليون خريطة.
جلد مريضة
عام 1879 نشر أرسين هوساي، كتاب أقدار الروح، وبحسب شبكة "سي بس إس" نيوز الأمريكية، لم يكن مصنوعًا في الأصل من الجلد، وتمت إضافة هذا الجزء من قبل المالك الأول للكتاب، الطبيب الفرنسي الدكتور لودوفيك بولاند، الذي ربط الكتاب بجلد، وأخذه دون موافقة من جثة مريضة متوفاة في المستشفى الذي كان يعمل فيه.
ولطالما كانت مساحة الكتاب في المكتبة موضع تساؤل، ويحتوي في مقدمته على رسالة مكتوبة بخط اليد من صاحبه الأول تقول "إن كتابًا عن النفس البشرية يستحق أن يكون له غلاف إنساني"، وقال توم هيري، أمين مكتبة الجامعة المساعد للأرشيف والمجموعات الخاصة، إن الأدلة تشير إلى أن "بولاند" ربط الكتاب بجلد مأخوذ من امرأة متوفاة مجهولة من مستشفى للأمراض النفسية الفرنسية حصل عليه عندما كان طالبًا في الطب.
بقايا بشرية
أضيف الكتاب إلى مجموعة هارفارد عام 1934 كإيداع، بعدما توفى المالك الأول عام 1933، وتضمنت الرسالة التي تركها أيضًا وصفًا للعملية التي تم استخدامها لعلاج الجلد حتى يمكن ربطه بالكتاب، وبحسب الشبكة الأمريكية، فقد تم التبرع بالكتاب رسميًا للجامعة في عام 1954، واختبرت جامعة هارفارد الغلاف في عام 2014 للتأكد من أنه كان مرتبطًا ببقايا بشرية أم لا، وجاءت النتيجة إيجابية.
ويعتبر إزالة الكتاب، بحسب أمينة المكتبة، تتويجًا لجهود استمرت سنوات وكجزء من مشروع الجامعة الأكبر لمعالجة الرفات البشرية في مجموعاتها، وعثرت المكتبة على بقايا 15 شخصًا ربما كانوا مستعبدين في متحف بيبودي، الذي يضم أيضًا واحدة من أكبر مجموعات الرفات البشرية لأفراد أمريكيين أصليين في البلاد، ومعظم البقايا البشرية التي عُثر عليها لها جذور في السياق الأثري أو تستخدم لأغراض تعليمية.
كرامة الإنسان
أكدت المكتبة أن المشكلة الأساسية، كانت في أن الطبيب الفرنسي قام بعمل بغيض يتمثل في إزالة قطعة من جلد المريضة المتوفاة، ولم يجد أحدًا يمنعه من القيام بذلك، لافتين إلى أنه تمت إزالة جميع صور الجلد من الكتالوج عبر الإنترنت ومنشورات المدونة، ولن يكون الكتاب نفسه متاحًا إلا للباحثين في المستقبل دون غلافه بعد رقمنته بالكامل.
واعترفت المكتبة بحسب الشبكة الأمريكية، بإخفاقاتها السابقة في إدارتها للكتاب، التي أدت إلى المزيد من تجسيد وتعريض كرامة الإنسان الذي استخدمت رفاته لتجليده، مشيرين إلى أن الجلد نفسه موجود في "مخزن آمن في مكتبة هارفارد"، ويعملون مع فرنسا لتحديد التصرف النهائي المحترم في هذه الرفات البشرية، إذ حان الوقت لدفن الرفات بطريقة لائقة.