الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

كتالوج جينات المحيطات.. "قفزة علمية" بأكبر قاعدة بيانات للميكروبات البحرية

  • مشاركة :
post-title
ميكروبات مجهرية في المحيط

القاهرة الإخبارية - مصطفى لبيب

لا تزال أسرار المحيط، الذي يعد أحد أكبر الأماكن على وجه الأرض، ويحمل بين طياته ملايين الأنواع البحرية والكائنات الحية الدقيقة، غير مكتشفة حتى الآن، لكن بفضل التقنيات الحديثة قدمت دراسة جديدة واحدة من أكبر وأشمل قواعد تسلسلات الحمض النووي للميكروبات البحري في المحيطات العالمية، والتي تشمل أكثر من 317 مليون مجموعة جينية، وهو ما اعتبره الباحثون "كتالوج بيانات" مفتوح المصدر لدفع الابتكار في مجال التكنولوجيا الحيوية والكشف عن دور الميكروبات البحرية في التخفيف من ظاهرة الاحتباس الحراري وحماية صحة الإنسان والكوكب.

ومنذ مئات السنين، ظل الباحثون يرسمون خرائط للتنوع البيولوجي البحري، إلا أنهم واجهوا تحديات مختلفة لإنشاء أطلس كامل للحياة في المحيطات، كان من أهمها أن معظم الكائنات البحرية لا يمكن دراستها في المختبر، ولكن ظهور تقنيات تسلسل الحمض النووي، تمكن من التغلب على هذه المشكلة من خلال السماح بالتعرف على الكائنات الحية مباشرة من مياه المحيطات والرواسب، بحسب موقع Frontiers المتخصص في العلوم.

الكتالوج الجديد يحتوي على 317 مليون مجموعة جينية

قفزة علمية

ويعد الكتالوج العالمي لجينات المحيطات، وفقا لإليسا ليولو المؤلفة الرئيسية للبحث، قفزة نحو فهم التنوع الكامل للمحيطات، إذ يحتوي على أكثر من 317 مليون مجموعة جينية من الكائنات البحرية حول العالم، مشيرة إلى أن الكتالوج الجديد يركز على الميكروبات البحرية، التي تؤثر بشكل كبير على حياة الإنسان، من خلال تأثيرها على صحة المحيطات ومناخ الأرض.

واستخدم الفريق البحثي مسح تسلسل الحمض النووي من 2102 عينة من المحيطات، مأخوذة من أعماق ومواقع مختلفة حول العالم، ويمكن تصنيف أكثر من نصفها حسب نوع الكائن الحي ووظيفة الجينات، ومن خلال مطابقة هذه المعلومات مع موقع العينة ونوع الموطن، يوفر الكتالوج الناتج معلومات غير مسبوقة عن الميكروبات التي تعيش فيها وماذا تفعل. 

كتالوج مجاني

ويمكن للعلماء الوصول إلى الكتالوج عن بعد مجانًا، كما يقول كبير مؤلفي الدراسة، البروفيسور كارلوس دوارتي، وهو رائد عالمي في علم المحيطات البيولوجي والبيئة البحرية، مشيرًا إلى العلماء يمكنهم من خلال الكتالوج الجديد فهم كيفية عمل النظم البيئية المختلفة للمحيطات، وتتبع تأثير التلوث والاحتباس الحراري، والبحث عن تطبيقات التكنولوجيا الحيوية، مثل المضادات الحيوية الجديدة أو طرق جديدة لتكسير المواد البلاستيكية.

إطلاق أطلس للميكروبات البحري يواجه تعقيدات

وكشف الكتالوج عن اختلاف في النشاط الميكروبي على سطح الماء وقاع المحيط، بالإضافة إلى عدد مذهل من الفطريات التي تعيش في منطقة البحار متوسطة العمق، وستساعد هذه البيانات وغيرها العلماء على فهم كيفية تشكيل الميكروبات التي تعيش في بيئات مختلفة للنظم البيئية، والمساهمة في صحة المحيطات، والتأثير على المناخ، كما يُعد خط أساس لتتبع تأثير التأثيرات البشرية، مثل التلوث والاحتباس الحراري على الحياة البحرية، ويمكن للعلماء البحث عن جينات جديدة يمكن استخدامها لتطوير الأدوية والطاقة والزراعة.

عقبات رئيسية

ولم يكن هذا الإنجاز ممكنًا، بحسب كبير مؤلفي الدراسة، إلا بعد التقدم التكنولوجي واسع النطاق، والذي جعل من الممكن تطوير قوة حسابية هائلة وتقنيات الذكاء الاصطناعي التي جعلت من الممكن تحليل هذه الملايين من التسلسلات، مشيرًا إلى أن البعثات البحرية العالمية لها فضل كبير في جمع العينات ومشاركة الحمض النووي للعينات في أرشيف مفتوح الوصول للجميع مجانًا.

ويرى العلماء أنّ كتالوج جينات المحيطات خطوة أولى نحو تطوير أطلس لجينوم المحيطات العالمي، والذي سيوثق كل جين من كل الأنواع البحرية في جميع أنحاء العالم، من البكتيريا والفطريات إلى النباتات والحيوانات، إلا أن الفكرة تصطدم بالعديد من المعوقات التي تجعل مستقبل الأطلس غير مؤكد، وتتمثل إحدى العقبات الرئيسية في وضع تشريع دولي بشأن تقاسم المنافع عن الاكتشافات التي تتم في المياه الدولية، كما أن معاهدة أعالي البحار لعام 2023، قد تعوق إنتاجه عن غير قصد، من خلال تقليل الحوافز للشركات والحكومات للاستثمار.