بينما تتعرض السلطة التنفيذية للاتحاد الأوروبي لضغوط متزايدة من البرلمان الأوروبي لـ"إظهار أنيابها" بشأن قضايا سيادة القانون، ومخاوف استقلال القضاء، يسود قلق أن تكون سلوفاكيا التالية في مخاوف انتهاكات سيادة القانون.
فقد أعرب كثيرون في بروكسل عن قلقهم من عودة رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو إلى السلطة، حسبما نشرت النسخة الأوروبية لصحيفة "بوليتيكو"، بعد ما حذّر نائب رئيس البرلمان الأوروبي، من أنه إذا استمرت حكومة فيكو في مسار غير ليبرالي، فقد تخاطر سلوفاكيا بفقدان الوصول إلى أموال الاتحاد الأوروبي.
وقال: "نحن لسنا أوصياء على أموالهم -الدول الأعضاء- لكن من السذاجة أن يعتقد فيكو أنه يستطيع الإفلات من العقاب".
إقالة المدعي الخاص
وفق وسائل الإعلام الأوروبية، كان الهدف الأساسي لـ"فيكو" عند عودته إلى السلطة في 2023، هو إغلاق مكتب المدعي الخاص.
فقد أدت التحقيقات التي أجراها المكتب، الذي افتتح في عام 2004، إلى إدانات عديدة في قضايا فساد بارزة، ارتبط العديد منها بحزب فيكو الحاكم "سمير-إس إس دي" القومي اليساري، خلال فتراته السابقة كرئيس للوزراء.
وفي نهاية فبراير الماضي، علّقت المحكمة الدستورية في سلوفاكيا أجزاء من إصلاح القانون الجنائي، التي خفّضت العقوبات على الفساد، وخفّضت مدة قانون التقادم للجرائم الكبرى مثل الاغتصاب.
وقد أثارت إصلاحات فيكو للقانون الجنائي احتجاجات كبيرة في جميع أنحاء البلاد إلى جانب إثارة غضب المعارضة، وخرج آلاف السلوفاكيين مرارًا وتكرارًا إلى الشوارع في احتجاجات امتدت من العاصمة براتيسلافا إلى أكثر من 30 مدينة وبلدة وحتى في الخارج.
ونقلت الصحيفة عن رئيس الوزراء السابق إرمودوف أوت أومدور، الذي يخوض الانتخابات الأوروبية لحزب سلوفاكيا التقدمي الليبرالي: "إن أولوية فيكو هي شراء الإفلات من العقاب على المقربين، وتفكيك الديمقراطية، وإقامة نوع من النظام الاستبدادي".
مع هذا، لم يمنع قرار المحكمة الدستورية حل مكتب المدعي الخاص، وإقالة رئيسه، المدعي العام دانيال إرميتش.
وأشار ميشيل إرمكا، المحلل السياسي في معهد براتيسلافا للسياسة، إلى أن إرميتش ورجاله كانوا يطاردون رجال فيكو بشكل منهجي خلال السنوات الثلاث والنصف السنة الماضية.
وقال: "إرميتش هو أهم عدو لفيكو ورجاله، وليس المعارضة أو المثقفين".
تهديد الإعلام
في الخريف الماضي، قطعت الحكومة السلوفاكية الاتصال بأربع وسائل إعلام محلية بعد وقت قصير من وصولها إلى السلطة، واصفة إياها بأنها "معادية" و "ليست موضوعية بما فيه الكفاية".
كما انتقد "فيكو"، أيضًا، هيئة الإذاعة والتلفزيون السلوفاكية العامة، لفشلها في الوفاء بالتزاماتها، ودعا إلى تغيير قياداتها.
وتصاعد الوضع في مارس الجاري، عندما أعلنت وزيرة الثقافة مارتينا سيمكوفيتشوفا، عن مشروع قانون من شأنه إغلاق قنوات البث الإذاعي، والاستعاضة عنها بهيئة جديدة تسمى التلفزيون والإذاعة السلوفاكية "ستار"، برئاسة أشخاص معينين سياسيًا.
وجاء اقتراح سيمكوفيتشوفا بعد يوم واحد فقط من إعطاء أعضاء البرلمان الأوروبي الضوء الأخضر لقانون حرية الإعلام الأوروبي، الذي سيمنع حكومات الكتلة من التدخل في القرارات التحريرية، وإجبار المراسلين على الكشف عن مصادرهم.
سيادة القانون
بينما توجه السلوفاكيون إلى صناديق الاقتراع، اليوم السبت، لانتخاب الرئيس الجديد للبلاد، مع احتمال إجراء جولة الإعادة بين أكبر مرشحين في 6 أبريل. أشار كثيرون إلى أن الانتخابات الرئاسية ستكون الاختبار التالي لسيادة القانون.
وعلى الرغم من أن دور الرئيس في سلوفاكيا شرفيًا إلى حد كبير، إلا أن الرئيسة المنتهية ولايتها زوزانا تشابوتوفا، التي لا تسعى لإعادة انتخابها، كانت حاجزًا مهمًا ضد بعض القرارات المثيرة للجدل التي اتخذتها حكومة فيكو.
لكن، تخشى بروكسل من فوز رئيس البرلمان السلوفاكي -واليد اليمنى لفيكو - بيتر بيليجريني باعتباره المرشح الأوفر حظًا ليكون الرئيس القادم.
وحتى الآن، حصد بيليجريني نسبة 37% من الأصوات في الاستطلاعات، مع توقعات بحصول مرشح المعارضة الليبرالية ووزير الخارجية السابق إيفان كورتشوك على 36%.