في ظل الاهتمام الدولي الكبير الذي استحوذت عليه الحرب المستمرة في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضي، كثّف التنظيم الإرهابي "داعش" عملياته بشكل مطرد عبر القارات، ما مهّد الطريق لتجدد الفوضى العالمية.
وفي حادث مؤسف، أعلن تنظيم "داعش" الإرهابى، أمس الجمعة، مسؤوليته عن الهجوم على قاعة حفلات موسيقية قرب العاصمة الروسية موسكو، بعد أن اقتحم مسلحون المكان بالبنادق والعبوات الحارقة، ما أسفر عن مقتل وإصابة المئات.
داعش- خراسان.. صعود يخشاه الأمريكان
وقبل يوم واحد فقط من هجوم موسكو، قال قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال مايكل كوريلا للمشرعين في الكونجرس إن "داعش- خراسان يحتفظ بالقدرة والإرادة لمهاجمة المصالح الأمريكية والغربية في الخارج في أقل من ستة أشهر دون سابق إنذار".
وقبل أسابيع، حثت السفارة الأمريكية في موسكو المواطنين الأمريكيين على تجنب الأحداث المزدحمة، "بما في ذلك الحفلات الموسيقية".
ونقلت شبكة "سي. إن. إن" الإخبارية الأمريكية، عن مصدرين مطلعين، إنه بدءًا من شهر نوفمبر الماضي، كان هناك تدفق مستمر من المعلومات الاستخبارية التي تفيد بأن تنظيم داعش-خراسان كان مصممًا على مهاجمة روسيا.
وقالت أميرة جادون، الأستاذة في جامعة كليمسون في كارولينا الجنوبية التي عملت بانتظام مع الحكومة الأمريكية بشأن قضايا مكافحة الإرهاب، لمجلة "نيوزويك" الأمريكية، إن "الارتفاع الأخير في نشاط داعش- خراسان في المنطقة ليس تطورًا بين عشية وضحاها، بل مخطط له من خلال نهج متعدد الجوانب منذ بضع سنوات".
وقال كولن كلارك، زميل باحث كبير في مركز "صوفان" ومقره نيويورك، الذي عمل أيضًا بشكل متكرر مع مسؤولين أمريكيين في قضايا مكافحة الإرهاب، إنه يرى الوجود المتزايد لتنظيم داعش-خراسان في أفغانستان عاملًا رئيسيًا يغذي صعوده.
وأضاف "كلارك" أن "طالبان هي قوة مكافحة الإرهاب الوحيدة التي تحاول احتواء تنظيم داعش - خراسان داخل أفغانستان، بعد خروج الولايات المتحدة من البلاد، كما أن طالبان غارقة بالفعل في محاولة حكم البلاد بأكملها".
وفي الوقت الحالي، حذّر "كلارك" من أن داعش-خراسان يشكل "تهديدًا كبيرًا" وأن هجماته ومؤامراته من الشرق الأوسط إلى أوروبا تظهر أن المجموعة "لا تزال لديها النية لشن هجمات، إلى جانب تزايد أعدادها على ما يبدو، وهو ما يمنحها أفضلية في تنفيذ هجماتها".
موسكو.. هدف مستمر للتنظيم
وبالحديث عن حادث روسيا الأخير، تشير المعطيات إلى أن موسكو كانت وجهة مستهدفة للتنظيم، وقال محلل عسكري لمجلة "نيوزويك": "كانت روسيا العدو ذا الأولوية القصوى لتنظيم داعش منذ أيامه الأولى، في عام 2014، وصف أبو بكر البغدادي روسيا بأنها العدو الرئيسي إلى جانب الولايات المتحدة".
وأضاف، أن "روسيا جذبت انتباه داعش من خلال وجودها في سوريا وعبر إفريقيا، وعلاقاتها مع طالبان، والعديد من السياسات الأخرى. ويُنظر إلى موسكو على أنها مركز قوة لما أسماه تنظيم الدولة الإسلامية "الشرق الصليبي".
وقال لوكاس ويبر، المؤسس المشارك لشبكة أبحاث Militant Wire (مجلة بحثية مختصة في شؤون الجماعات الإرهابية): "الأمر الواضح هو أن تنظيم الدولة الإسلامية يحتفظ بالنية والقدرات اللازمة لتوجيه العمليات الخارجية - على نطاق واسع". وأضاف أن "سقوط آخر بقايا الخلافة الإقليمية في عام 2019 كان بالفعل انتكاسة كبيرة، لكنه تنظيم صبور ويحتفظ بالقدرة على تنفيذ الهجمات وتحريض أنصاره على العنف".