على الرغم من وصول الغضب الديمقراطي الأمريكي، بشأن إسرائيل وحكومة المتطرفين التي يقودها بنيامين نتنياهو، إلى مستوى جديد من اللغة والخطاب، عقب الانتقادات المُستمرة التي وجهها الرئيس الأمريكي، جو بايدن، والخطاب المُثير الذي ألقاه تشاك شومر، زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، إلا أنها كما يراها النقاد، تعتبر في النهاية مجرد كلمات غير قابلة للتنفيذ على أرض الواقع، طالما أنهم يقدمون كل الأدوات التي يحتاجها لمواصلة الحرب، ولا يستطيعون مواجهة تعنته، سوى بالبحث عن أبواب خلفية وطرق للتحايل عليه.
ويأتي تغيير اللهجة الأمريكية تجاه الحرب في غزة، إلى التحذيرات الاستخباراتية التي تلقتها الإدارة، بحسب شبكة "إي بي إس" نيوز الأمريكية، حول تدني شعبية أمريكا؛ بسبب الدعم المُطلق لإسرائيل، وظهرت العواقب السياسية المحتملة، عندما واجه، جو بايدن، تصويتًا احتجاجيًا كبيرًا في الانتخابات التمهيدية في ولايتي ميشيجان ومينيسوتا، الأمر الذي دفع المسؤولين -وعلى رأسهم بايدن- لتحويل خطابهم والتحدث عن مأساة المدنيين في القطاع، وتأكيد قيام الدولة الفلسطينية.
إحباط وتعنت
وكان بايدن قد أعرب عن إحباطه المتزايد، من القيادة الإسرائيلية، وكثف الجهود لزيادة المساعدات الإنسانية في غزة، واصفًا الحملة العسكرية الإسرائيلية بأنها "فوق الحد"، واتهم قادتها باستخدام المساعدات الإنسانية "كورقة مساومة"، وأطلق جهودًا لبناء رصيف قبالة ساحل غزة؛ لتوصيل ما يصل إلى مليوني وجبة يوميًا إلى المنطقة المحاصرة بمجرد تشغيله، كما يقوم الجيش الأمريكي أيضًا بعمليات إنزال جوي للضروريات الحيوية، مثل الغذاء والدواء والمياه.
ويرى النقاد أن إدارة بايدن والديمقراطيين المؤسسين، مثل شومر، يقولون إنهم سئموا جدًا من نتنياهو، ومع ذلك بحسب صحيفة "ذا هيل" الأمريكية، فهم يقدمون له كل الأدوات التي يحتاجها للاستمرار في السلطة، ومواصلة الحرب، التي تسمح له بالبقاء في منصبه، مشيرين إلى ضعف هذه الإدارة في مواجهة الحكومة الإسرائيلية المتعنتة التي تخلق عمدًا كارثة إنسانية في القطاع، لافتين إلى أن إسقاط المساعدات والدعم البحري، كانت أبوابًا خلفية وطرقًا للتحايل على التعنت الإسرائيلي.
دعم إسرائيل وتوصيل المساعدات لغزة
ولا يزال وقف إطلاق النار الدائم غير مطروح على الطاولة بالنسبة لمعظم الديمقراطيين، حتى مع ارتفاع عدد القتلى وتحذير الأمم المتحدة من مجاعة قادمة، وبحسب الصحيفة، ترى الحكومة الأمريكية أن دعم إسرائيل في نفس الوقت الذي تحاول فيه بذل كل ما في وسعها لتوصيل المزيد من المساعدات إلى غزة، باستثناء الدعوة إلى وقف إطلاق النار أو وضع شروط على الأسلحة لإسرائيل، هما هدفان لا يتعارضان.
وحول ذلك، أكد النقاد أن بايدن رغم تحذيراته لا يبدو أقرب إلى الدعوة إلى وقف إطلاق النار أو الضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب، وينظرون إلى انتقادات بايدن على أنها مجرد تلاعب بالألفاظ، وليست بالضرورة قابلة للتنفيذ، لأن الإدارة الأمريكية، كان لديها أكثر من خمسة أشهر والعديد من المواقف والمجازر التي كانت تسمح للتصرف بشأن ما يجري، ولكن لم يحدث ذلك.
وقف القتال
وكان بيل بيرنز، مدير وكالة المخابرات المركزية، أكد أمام لجنة بمجلس الشيوخ، أن وقف إطلاق النار هو الحل الأفضل للأزمة الإنسانية، ومن الصعب للغاية توزيع المساعدات الإنسانية بشكل فعال ما لم يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار، كما كشفت لجنة الإنقاذ الدولية أن 2300 شاحنة دخلت غزة عبر المعابر البرية في فبراير، أي حوالي 80 شاحنة يوميًا، مقارنة بـ 500 شاحنة يوميًا قبل الحرب.
ويرى النقاد أن ما تفعله الإدارة من البحث عن الأبواب الخلفية لمساعدة الشعب الفلسطينية، بدلًا من الضغط الفعال على نتنياهو وحكومته، يعتبر أمرًا متهورًا وغير مسؤول ولن يؤدي إلا إلى تأجيج التعنت الإسرائيلي، وبشكل عام، تعتبر الجهود ليست كافية لمساعدة الفلسطينيين، والمساعدات الجوية والبحرية، ليست بديلًا عن المعابر البرية، مشيرين إلى أن الحل الحقيقي لتوصيل كميات كافية من المساعدات لسكان غزة هو وقف القتال.