حثت المملكة المتحدة ألمانيا ودولًا غربية أخرى على التبرع بأسلحة بعيدة المدى لأوكرانيا؛ على الرغم من التسجيل المسرب أخيرًا لكبار القادة العسكريين الألمان، الذي يناقش كيفية استخدام صواريخ توروس لتدمير البنية التحتية المدنية الرئيسية في روسيا واستهداف جسر القرم.
ويُعد جسر القرم هو طريق إمداد رئيسي إلى شبه جزيرة القرم، والتي على الرغم من المحاولات المختلفة لقصفها، لم يتمكن الأوكرانيون حتى الآن من استهدافها، وخلصوا إلى أنه سيكون من الممكن تقنيًا تفجير الجسر، ولكن الأمر قد يتطلب "10 إلى 20 صاروخًا"، وأن ألمانيا يمكن أن تتبرع بحد أقصى 100 صاروخ.
حث برلين على تقديم الصواريخ
أفادت صحيفة "الجارديان" البريطانية أن المملكة المتحدة وفرنسا قدمتا بالفعل في السابق العشرات من صواريخ ستورم شادو وسكالب التي تطلق من الجو، إلى كييف، والتي تنتجها بشكل مشترك، إلا أنه في التسجيل المسرب الذي صدر يوم الجمعة الماضي، ناقش فيه ضباط ألمان رفيعو المستوى اقتراحًا بالتبرع بصواريخ توروس طويلة المدى والإجراءات التي يتعين على برلين اتخاذها لنشرها والحفاظ على الإنكار المعقول للتدخل الألماني.
كما ذكروا أن لندن وباريس مترددتان في إرسال المزيد من أسلحتهما ما لم تستغل برلين ترسانتها الخاصة.
وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية عن التسريب "من الواضح أن الأمر متروك لألمانيا للتحقيق فيه"، بحسب ما أشارت الصحيفة البريطانية.
وأضاف المسؤول "من جانبنا، كانت المملكة المتحدة أول دولة تقدم صواريخ هجومية دقيقة بعيدة المدى لأوكرانيا وسنشجع حلفاءنا على فعل الشيء نفسه".
حرب المعلومات
وفي الوقت نفسه، وضعت القيادة الألمانية هذا الكشف كجزء من "حرب المعلومات" التي تشنها موسكو ضد الغرب، إذ قال وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس، يوم الأحد "إنه هجوم تضليل هجين، يتعلق الأمر بالتقسيم، الأمر يتعلق بتقويض وحدتنا".
تم إصدار التسجيل من قبل رئيسة تحرير آر تي مارجريتا سيمونيان، التي أبلغت عن استلامها للمقطع المسرب من أشخاص "يرتدون الزي الرسمي".
فيما أكدت ألمانيا أن المحادثة التي جرت بين الجنرال إنجو جيرهارتز، قائد القوات الجوية الألمانية، وكبار مساعديه كانت حقيقية.
كانت فكرة تزويد ألمانيا بصواريخ توروس لأوكرانيا قضية شائكة للمستشار أولاف شولتس، إذ بعد التسريب، كرر موقفه بأن السيطرة على ما ستستهدفه الأسلحة لا يمكن ضمانه، إلا من خلال وجود قوات ألمانية على الأرض في أوكرانيا، وهو تطور استبعده.
ويبلغ مدى الصواريخ أكثر من 500 كيلومتر، مما يعني أنه من الممكن استخدامها لمهاجمة موسكو، وفقًا لوسائل الإعلام الألمانية.
وقد فسر المسؤولون الروس المناقشة على أنها دليل على أن الجيش الألماني كان يستعد للحرب مع روسيا، ووصفوها بأنها وصمة عار على برلين، وهي الفكرة التي رفضتها الأخيرة.
وأشار دميتري ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، إلى التسريب في خطاب ألقاه يوم الإثنين، وتحدث أيضًا عن "أشرطة أخرى" لم يتم نشرها للعامة.
انقسام ألماني
يوم الإثنين، كانت هناك علامات على الانقسامات الألمانية بعد التسريب، إذ أكدت أنالينا باربوك، وزيرة الخارجية من حزب الخضر، دعمها من حيث المبدأ لإعطاء صواريخ توروس لأوكرانيا.
وقالت خلال زيارة إلى الجبل الأسود: "سنبذل كل ما في وسعنا حتى تتمكن أوكرانيا من الدفاع عن نفسها وحمايتها، لذلك نحن بحاجة إلى السيطرة بدقة على جميع الوسائل المتاحة لنا.. على أساس القانون الدولي".
وقال روديريش كيسفيتر، خبير الدفاع في حزب الديمقراطيين المسيحيين المعارض، إن روسيا سربت الاجتماع في هذا الوقت؛ من أجل "تقويض تسليم صواريخ توروس الألمانية على وجه التحديد".
وأشار إلى أن التسريب تم "من أجل تحويل المحادثة العامة بعيدًا" عن قضايا أخرى، بما في ذلك وفاة أليكسي نافالني.
وقال كارلو ماسالا، من جامعة الجيش الألماني في ميونيخ، وهو خبير عسكري، لوسائل الإعلام الألمانية إن "رد الفعل العام الهستيري" على احتمال المشاركة الألمانية المباشرة في الحرب ضد روسيا في أوكرانيا، بعد أنباء التسريب، سيمنع الآن تسليم صواريخ توروس لأوكرانيا.
وقال: "من المؤكد الآن أن أولاف شولتس لن يرغب في تسليم توروس إلى أوكرانيا، وهو بالضبط ما أراد الروس منعه مرة واحدة وإلى الأبد".