قال بوريس بيستوريوس، وزير الدفاع الألماني، أمس الأحد، إن روسيا استغلت تسريب محادثة سرية بين كبار ضباط الجيش الألماني، حول إمكان إرسال صواريخ كروز إلى أوكرانيا، في إطار "حرب معلومات" لزعزعة استقرار البلاد.
وظهر التسجيل لأول مرة، الجمعة الماضي، ونشرته وسيلة الإعلام الحكومية الروسية RT، ثم لم تلبث الحكومة الألمانية أن أكدته لاحقًا.
وأضاف "بيستوريوس" أن المحادثة التي أجراها الضباط "لا تعني الضوء الأخضر لإرسال الصواريخ إلى أوكرانيا".
وأثارت محتويات المكالمة المُسربة، التي أُجريت على منصة WebEx وليس من خلال الشبكة الداخلية الآمنة للجيش، الدهشة.
لكن بيستوريوس أكد أن ذلك "جزء من جهود موسكو لبث الفرقة".
وقال: "إنه هجوم تضليل هجين، يتعلق بالانقسام، ويتعلق بتقويض وحدتنا"، مضيفًا: "يجب ألا نقع في حب بوتين".
تدمير الجسور
في التسريب، الذي تبلغ مدته 38 دقيقة، ناقش أربعة من كبار ضباط الجيش الألماني، من بينهم قائد القوات الجوية إنجو جيرهارتز، والعميد فرانك جراف، التصدير الافتراضي لصواريخ "توروس" من طراز كروز إلى أوكرانيا، وكيف يمكن استخدامها لمهاجمة البنية التحتية الروسية؟.
ورفض المستشار الألماني أولاف شولتس، بإصرار، إرسال مثل هذه الصواريخ طويلة المدى إلى كييف - على عكس البريطانيين والفرنسيين الذين أرسلوا بدائلهم الخاصة - وهي قضية تؤدي إلى انقسام الائتلاف الحاكم في البلاد.
وخلال المحادثة، التي يقول الروس إنها جرت في 19 فبراير الماضي، ناقش المسؤولون الأهداف المحتملة لأي صواريخ "توروس" تم التبرع بها لأوكرانيا، وطول الوقت الذي سيستغرقه تدريب الأفراد المحليين على الاستهداف.
كما ناقش الضباط كيف يمكن استخدام الصواريخ لتدمير الجسور، في إشارة - على ما يبدو - إلى جسر "كيرتش" الذي يربط شبه جزيرة القرم بالبر الرئيسي لروسيا.
وتناول النقاش أيضًا الاستعدادات لعقد اجتماع مع بيستوريوس.
وتطرق الضباط الألمان إلى مناقشة عدد صواريخ "توروس" المطلوبة لتفادي الدفاعات الجوية الروسية، وتدمير "كيرتش"، وهو عدد يقدرونه بـ10 إلى 20 صاروخًا، من مخزون ألمانيا المُقدر بـ600 صاروخ.
كذلك، تحدثوا عن طرق نقل البيانات المطلوبة لبرنامج "توروس" من القواعد الجوية في ألمانيا إلى أوكرانيا.
لكنهم مع هذا كانوا واضحين أنه من وجهة نظر عسكرية لن تغير عمليات تسليم الصواريخ نتيجة الحرب على أي حال.
توقيت حرج
بينما يحقق جهاز مكافحة التجسس العسكري الألماني في التسجيل الصوتي المسرب، جاء التوقيت مُحرجًا لبرلين، لأنه يأتي بعد أيام قليلة من زلة شولتس علنًا حول الدعم الفرنسي والبريطاني لكييف.
وأثار التسريب جدلًا حول الإجراءات الأمنية التي تتخذها ألمانيا، وموقعها الاستراتيجي في الصراع بين أوكرانيا وروسيا.
وقال ضابط سابق رفيع المستوى في الجيش الألماني لصحيفة "بوليتيكو": "يجب أن تتدحرج الرؤوس الآن".
وأكد أن إجراء مثل هذه المحادثة السرية للغاية، عبر خط غير آمن، يعد إهمالًا فادحًا.
وكان حديث شولتس أثار استياء الكثيرين في لندن، بعدما قال المستشار الألماني إن البريطانيين والفرنسيين يساعدون في معايرة الأهداف الصاروخية للأوكرانيين.
ونقلت صحيفة "التليجراف" البريطانية عن توبياس إلوود، الرئيس السابق للجنة الدفاع بمجلس العموم: "هذا إساءة استخدام صارخة للاستخبارات، تهدف عمدًا إلى صرف الانتباه عن إحجام ألمانيا عن تسليح أوكرانيا بنظامها الصاروخي بعيد المدى، ولا شك أن روسيا ستستخدم هذا".
وأشار بيستوريوس، الذي ينحدر أيضًا من الحزب الديمقراطي الاشتراكي الذي ينتمي إليه شولتس، إلى أن توقيت نشر التسجيل الصوتي المسرب كان مريبًا.
وقال: "لا أحد يعتقد أنه من قبيل الصدفة أن هذا التسجيل الصوتي نُشر قبل وقت قصير من عطلة نهاية الأسبوع، أي في اليوم التالي لجنازة زعيم المعارضة أليكسي نافالني".