تصاعد التوتر بين القوى العظمى حول قضية تسليح الفضاء، في الفترة الأخيرة، فبينما تتهم كل دولة الأخرى بالمضي قدمًا في تطوير قدراتها الفضائية العسكرية، تؤكد كل منها أنها تتصرف دفاعًا عن النفس أمام التهديدات المحتملة من الطرف الآخر.
وبلغ هذا التوتر مستوى خطيرًا، مع تصعيد الاتهامات المتبادلة مؤخرًا، بين الولايات المتحدة من جهة وروسيا والصين من جهة أخرى، بشأن نوايا الطرف الآخر في هذا المجال الحيوي.
الصين تتهم الولايات المتحدة
قال الجيش الصيني، إن الولايات المتحدة تقود حملة خطيرة لتسليح الفضاء، معتبرًا أن البنتاجون يمثل أكبر تهديد للسلام والأمن على الحدود النهائية.
وردًا على سؤال حول التحذيرات الأخيرة التي أطلقها المسؤولون الأمريكيون بشأن ترسانة بكين المتزايدة من "الأسلحة المضادة للأقمار الصناعية"، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية، تشانج شياو قانج، للصحفيين، إن واشنطن، وليس جمهورية الصين الشعبية، هي التي تسعى إلى تحويل الفضاء إلى ساحة معركة مستقبلية.
وقال متحدث الخارجية الصينية: "تستخدم الولايات المتحدة ما يسمى بالتهديدات القادمة من دول أخرى ذريعةً لتوسيع قوتها العسكرية، والصين تعارض ذلك بشدة".
وأضاف "تشانج": "كما نعلم جميعًا، فإن الولايات المتحدة تعرف الفضاء على أنه منطقة قتال، وتطور وتنشر أسلحة فضائية هجومية... حتى إنها تتعقب بشكل ضار المركبات الفضائية التابعة لدول أخرى وتقترب منها بشكل خطير، ما يخلق خطر الاصطدام بالأجسام الفضائية".
ويبدو أن "تشانج" كان يرد على تعليقات قائد القوات الجوية الأمريكية فرانك كيندال، الذي شدد -مرارًا وتكرارًا- على التهديد المزعوم الذي تشكله بكين مع استمرار جيشها في التطور والتحديث.
وفي وقت سابق من الشهر الماضي، حذر المسؤول العسكري الأمريكي من أن واشنطن "لم يعد لديها الوقت" لمواكبة القوات الصينية، معتبرًا أن الحرب المستقبلية أمر لا مفر منه.
روسيا تنفي الشائعات
وفي الأسابيع الأخيرة، غذى المسؤولون والمشرعون الأمريكيون التقارير الإعلامية التي تفيد بأن روسيا أيضًا تعتزم نشر معدات عسكرية في المدار الفضائي.
ومع ذلك، نفت موسكو هذا الاتهام بشكل قاطع، إذ وصف الرئيس فلاديمير بوتين اليوم الجمعة هذا الادعاء بأنه "لا أساس له من الصحة" خلال خطاب وطني.
وأدلى "بوتين" بهذه التصريحات، في كلمة مسجلة بمناسبة الذكرى السنوية ليوم "حماة الوطن"، أو ما يعرف بيوم المدافع عن أرض الآباء في روسيا، وهو احتفال خاص بالقوات المسلحة، وقال خلال اجتماع مع أعضاء مجلس الأمن الروسي: "ناقشنا معكم الأكاذيب التي تطلقها بعض الشخصيات في الغرب حول خططنا المزعومة لنشر الأسلحة النووية في الفضاء، ووصفتها بأنها أقوال مزعومة لأنه كما أكدت سابقًا، وكما نعلم جيدًا، ليس لدينا مثل هذه الخطط".
واقترح بوتين خلال الاجتماع مناقشة تحييد التهديدات في قطاع الفضاء، مضيفًا: "قضية الفضاء، ومسألة تحييد التهديدات التي قد تنشأ بالنسبة لنا في المجال الفضائي، يجب أن تكون في مجال اهتمامنا دائمًا، دعونا نتحدث عن هذا اليوم".
حتمية حروب الفضاء
وشارك "كانديل"، الرئيس الروسي في رؤيته بخصوص التهديدات النووية في المجال الفضائي، إذ أشار إلى أن بلاده "لم يعد بإمكانها اعتبار الصراع احتمالًا بعيدًا أو مشكلة مستقبلية قد يتعين عليها مواجهتها"، مضيفًا: "خطر الصراع موجود الآن وسيزداد هذا الخطر بمرور الوقت".
وفي مذكرة صدرت في سبتمبر الماضي إلى قوة الفضاء الأمريكية، التي تعد أحدث فروع للبنتاجون، دقّ "كيندال" أيضًا ناقوس الخطر بشأن التوغلات الصينية المحتملة في الفضاء، قائلًا إن بكين "تعمل على توسيع قوتها النووية وقدراتها الفضائية العسكرية بشكل كبير، لا يمكننا الحفاظ على الردع بالوقوف مكتوفي الأيدي".