تداعيات الحرب في غزة كثيرة ومتتالية، آخرها ما أفصح عنه عدد من المسؤولين الأمريكيين الذين وجهوا تحذيرات إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي من تحول القطاع إلى "مقديشيو" جديدة على الحدود الإسرائيلية.
و"مقديشو" هي عاصمة الصومال، في القرن الإفريقي التي كانت تعتبر ذات يوم المدينة الأكثر خطورة وخروجًا عن القانون في العالم.
استهداف الشرطة
وفي تقرير أعده موقع "أكسيوس" الأمريكي سلّط فيه الضوء على استهداف أفراد قوة الشرطة المدنية في قطاع غزة، لافتًا إلى أن إدارة بايدن طلبت من إسرائيل التوقف عن استهداف أفراد الشرطة المدنية، محذرًا من أن الانهيار التام للقانون والنظام يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع بشكل كبير.
وذكر ثلاثة مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين، وفق التقرير "إنهم يشعرون بقلق متزايد من تحول غزة إلى مقديشو، حيث فتح الفراغ الأمني واليأس الباب أمام العصابات المسلحة لمهاجمة ونهب شاحنات المساعدات، ما يزيد الضغط على النظام الإنساني المتوتر بالفعل في القطاع.
مصدر قلق
وقال مسؤولون أمريكيون إن هذا مصدر قلق ظلت إدارة بايدن تحذر إسرائيل منه منذ عدة أشهر، وهو أحد الأسباب الذي حثت من خلاله الحكومة الإسرائيلية على التخطيط مسبقًا لمن سيتولى حكم غزة بعد الحرب.
حدث انخفاض كبير في عدد شاحنات المساعدات التي تدخل غزة في الأسابيع الأخيرة، وفقًا لمكتب المساعدات الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا)، وعلى مدى أربعة أيام على الأقل خلال الأسبوعين الماضيين، دخلت أقل من 10 شاحنات مساعدات إلى القطاع.
وأرجع منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية جيمس ماكجولدريك، إن ذلك يرجع جزئيًا إلى الوضع الأمني على جانبي الحدود، حيث كان أفراد من قوة الشرطة المدنية يعملون في رفح وعلى جانب غزة من معبر كرم أبو سالم القريب لضمان أمن شاحنات المساعدات، لكنهم تركوا مواقعهم في وقت سابق من هذا الشهر بعد أن استهدفتهم إسرائيل.
اجتياح العصابات
وقال ماكجولدريك إنه نتيجة للفراغ الأمني، تعرضت العديد من الشاحنات التي دخلت غزة أخيرًا إلى اجتياح العصابات الإجرامية، فضلًا عن الفلسطينيين الذين هم في حاجة ماسة إلى أي نوع من المساعدة مع استمرار تدهور الأوضاع في القطاع بشكل متزايد وتزايد الجوع .
وقتل ما لا يقل عن 11 من أفراد الشرطة في رفح في غارات جوية إسرائيلية في الأسابيع الأخيرة، وفقًا لمسؤولين أمريكيين، قالوا إن ذلك فتح الطريق أمام العصابات المسلحة للسيطرة على المساعدات.
وقال المبعوث الأمريكي للشؤون الإنسانية، ديفيد ساترفيلد، في إحدى الفعاليات الأسبوع الماضي، إن قوة الشرطة المدنية في غزة تضم بالتأكيد عناصر من حماس، لكنها تشمل أيضًا أفرادًا ليس لديهم ارتباط مباشر بحماس، وهم موجودون هناك كجزء من السلطة الفلسطينية.
تحديات للقانون والنظام
وقال ماكجولدريك إن اليأس في غزة خلق قدرًا كبيرًا من التحديات للقانون والنظام، وهذا يؤثر على قدرتنا على القيام بالعمل الذي نقوم به هنا، إن إيصال المساعدات إلى شمال غزة كان صعبًا بشكل خاص، ونحاول الحصول على ضمانات من إسرائيل بعدم استهداف الشرطة.
وأعرب مسؤولو إدارة بايدن عن مخاوفهم مع نظرائهم الإسرائيليين، وطلبوا من إسرائيل التوقف عن استهداف الشرطة المدنية التابعة لحماس طالما لا يوجد بديل يمكن أن يوفر الأمن لشاحنات المساعدات، لكن إسرائيل رفضت الطلب لأن أحد أهدافها في الحرب هو التأكد من أن حماس لم تعد تدير قطاع غزة، حسبما قال مسؤولان إسرائيليان.
ويقول مسؤولون إسرائيليون إن لديهم خططًا لإيجاد طرق بديلة لتقديم المساعدات مثل التعاون مع العشائر المحلية التي تعارض حماس.
مخاوف أمريكية
وناقش وزير الدفاع لويد أوستن، الأسبوع الماضي، المخاوف الأمريكية مع نظيره الإسرائيلي يوآف جالانت. وقال المسؤولون الأمريكيون والإسرائيليون إن أوستن شدد على ضرورة إيجاد طريقة لتوفير الأمن لشاحنات المساعدات.
وقالت نائبة السكرتير الصحفي للبنتاجون سابرينا سينج في بيانها: "أثار الوزير أوستن الحاجة إلى تحسين عملية عدم الاشتباك مع المنظمات الإنسانية وضمان وصول المزيد من المساعدات إلى المدنيين الفلسطينيين، حيث إن أعمال النهب والعنف تعيق الوصول إلى قوافل المساعدات الإنسانية في غزة".