وصل معدل التضخم في نيجيريا إلى أعلى مستوى له منذ ما يربو على 30 عامًا؛ وهو ما دفع العملة المحلية للهبوط بصورة كبيرة مقابل الدولار، نتيجة السياسات النقدية، مما جعل تلك الأزمة الاقتصادية التي تمر بها الدولة الواقعة غرب إفريقيا الأسوأ على الإطلاق.
وتعتبر نيجيريا هي الدولة الأكثر سكانًا في قارة إفريقيا، حيث بلغ تعدادها 210 ملايين نسمة، كما أنها تعد أكبر اقتصاد في القارة، حيث يعتمد اقتصادها بشكل كبير على النفط الخام، الذي يُعد أكبر مصدر للعملة الأجنبية، كما يعتمد ناتجها المحلي الإجمالي على خدمات مثل تكنولوجيا المعلومات والخدمات المصرفية، ثم يأتي بعد ذلك التصنيع والتجهيز ثم الزراعة.
أرقام صادمة
وأظهرت أحدث الإحصاءات الحكومية الصادرة، وفقًا لشبكة "إي بي سي نيوز" الأمريكية، أن معدل التضخم في يناير ارتفع إلى 29.9%، وهو أعلى مستوى له منذ عام 1996، مدفوعًا بشكل أساسي بالأغذية والمشروبات غير الكحولية، وفي المقابل انخفضت العملة النيجيرية، إلى 1524 نيرا مقابل دولار واحد، مما عكس خسارة في العملة المحلية بنسبة 230% عن العام الماضي.
وتسبب انخفاض العملة في تآكل دخل المواطنين ومدخراتهم، مما زاد الضغط على الملايين الذين واجهوا صعوبات بسبب الإصلاحات الحكومية، التي كان منها ارتفاع أسعار الغاز ثلاث مرات متتالية، بينما يبلغ الوضع أسوأ حالاته في مناطق النزاع بالشمال، حيث لم تعد المجتمعات الزراعية قادرة على زراعة ما تأكله؛ لأنها اضطرت إلى الفرار من العنف.
الصدمات الخارجية
تعتمد نيجيريا بشكل كبير على الواردات، لتلبية الاحتياجات اليومية للمواطنين من الشوكة إلى السيارة، وذلك بسبب قلة الإنتاج الذي لا يواكب المتطلبات، الأمر الذي يجعل الدولة، وفقًا لما نقلته الشبكة الأمريكية، تتأثر بأي صدمة خارجية في سعر الدولار، خاصة سوق الصرف الأجنبية الموازية، التي تتسبب في تفاقم الأمور ورفع الأسعار بشكل كبير.
في عام 2014 حاولت الحكومة النيجيرية مواجهة انخفاض أسعار النفط، والذي أدى إلى أزمة في العملة الأجنبية، وقامت باستخدام احتياطاتها الأجنبية الشحيحة لتحقيق الاستقرار في العملة وسط أسعار الصرف المتعددة، كما أغلقت حدودها البرية لتشجيع المنتج المحلي، إلا أن تلك الإجراءات أدت إلى زيادة زعزعة استقرار النيرا، وفي المقابل ازدهار السوق الموازية للدولار.
إجراءات مُتأخرة
في محاولة لعبور تلك الأزمة الاقتصادية، اجتمع الرئيس النيجيري مع حكام الولايات، للتحدث حول الأزمة المعيشية، والتي ألقى باللوم في جزء منها على تخزين المواد الغذائية على نطاق واسع في بعض المستودعات، مشددًا على أنهم سيواجهون المضاربين والمكتنزين ومشغلي السوق السوداء، الذين يريدون تخريب جهود الحكومة لضمان توافر الغذاء على نطاق واسع لجميع النيجيريين.
وفي الوقت نفسه، وجه الرئيس النيجيري بالإفراج عن المواد الغذائية، مثل الحبوب من الاحتياطيات الحكومية لتخفيف آثار الصعوبات، لكن الخبراء، الذين نقلت عنهم الشبكة الأمريكية، أكدوا أنه لم تكن هناك إجراءات كافية لاحتواء الصدمات التي كان من المتوقع حدوثها نتيجة الإصلاحات.