"الأمر أشبه بما بعد القنبلة الذرية".. هكذا وصفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، الوضع الذي أصبح عليه قطاع غزة بعد أشهر من العدوان الإسرائيلي الغاشم عليه، معتبرة أن الواقع الجديد الذي خلقته عمليات جيش الاحتلال الإسرائيلي سيؤثر على المنطقة برمتها لسنوات عديدة.
ونزح بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة قرابة 80% من السكان البالغ عددهم 2 ونصف المليون فلسطيني، في مخيمات وملاجئ بمدينة رفح الفلسطينية، المكتظة أساسًا بالسكان، إذ أصبحوا يقيمون على مساحة 20% فقط من أراضي غزة، في الوقت الذي استشهد فيه ما يقرب من 30 ألفًا، أغلبهم من النساء والأطفال، بينما أُصيب 68 ألفًا آخرون، بجانب تدمير هائل في البنية التحتية وأكثر من 60% من المباني في الشمال والجنوب.
دمار هائل
وفي تقريرها عن الوضع المأساوي في القطاع، أكدت الصحيفة الإسرائيلية أن أحد أكثر الأعمال الدراماتيكية في الحرب، التهجير الذي تعرض له 1.7 مليون فلسطيني فروا من القصف الإسرائيلي على غزة بعد تدمير منازلهم، لافتة إلى أن ضباب الحرب جعل من الصعب تشكيل تقدير دقيق للدمار الذي لحق بالقطاع.
وتسعى إسرائيل إلى مداهمة مدينة رفح الفلسطينية منذ أيام، إذ مهدت لذلك من خلال مطالبة السكان بالإخلاء الفوري، وسط مزاعم بوجود ممرات آمنة، ومع تنفيذ مجزرتها من أجل إنقاذ اثنين من المحتجزين فقط، أكدت صحيفة الجارديان البريطانية، أن تلك العملية البرية وعدد القتلى المدنيين فيها، يسلط الضوء على المخاطر الهائلة التي تهدد حياة الفلسطينيين في حال شن هجوم إسرائيلي على رفح.
نصف مباني القطاع
من خلال إنشاء خريطة للدمار باستخدام بيانات الأقمار الصناعية، أظهرت البيانات أن ما لا يقل عن نصف المباني في القطاع من المحتمل أن تكون تضررت أو دمرت، وفقًا لباحثين أمريكيين، إذ يقع معظم الدمار في الشمال، بسبب حملة القصف العدوانية التي شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي دون انقطاع، باستثناء وقف قصير لإطلاق النار، نوفمبر الماضي، عندما تم تبادل الرهائن بالسجناء والمعتقلين الفلسطينيين.
واتهمت منظمة الصحة العالمية، إسرائيل بعرقلة مهام توصيل المساعدات في غزة، مشيرة إلى أن الاحتلال وافق فقط على أقل من نصف المهمات التي تحتاجها لتوصيل المساعدات إلى المستشفيات، التي حذرت من أنها أصبحت مكتظة بالكامل وتعاني نقص الإمدادات، خاصة مجمع ناصر الطبي، الذي اقتحمه الاحتلال ويعد العمود الفقري في القطاع للنظام الصحي بأكمله، مطالبين بالسماح بوصول المساعدات.
لا مكان آمن في غزة
وأظهرت الخريطة التي تم إنشاؤها بواسطة القمر الصناعي، المناطق المدمرة أو المتضررة، بعد القصف الإسرائيلي من الجو والبر والبحر، وهو الوضع الذي أكدت الصحيفة أنه يسلط الضوء على ما كان يقوله سكان غزة والوكالات الأممية طوال أمد الحرب بأنه لا يوجد مكان آمن حقًا في القطاع المدمر.
ونقلت الصحفية عن عدة تقارير عن الحرب، تأكيدها للدمار الذي حدث بالقطاع على نطاق، الذي يشمل المنازل والمباني التجارية والبنية التحتية للمياه والصرف الصحي والمرافق الطبية والمدارس والجامعات والمساجد والكنائس ومراكز التسوق والمتاجر ومصانع المواد الغذائية ومراكز الإغاثة، كما تضررت الطرق والمواقع الأثرية والمقابر.