مع بدء الضربات الانتقامية الأمريكية لأهداف عسكرية في الشرق الأوسط، ردًا على مقتل ثلاثة جنود أمريكيين، في هجوم طائرة بدون طيار شنته جماعة مُسلحة على الحدود السورية الأردنية، يعمل الرئيس الأمريكي جو بايدن، على كبح جماح المطالبين بردود فعل أوسع، خاصة الجمهوريين، وهو الأمر الذي يمكن أن يؤدي في حال التصعيد العسكري إلى مخاطر كبيرة، بجانب عواقب سياسية ثقيلة في عام الانتخابات المُحتدم.
ونفذت الولايات المتحدة ضربات عسكرية لأهداف في العراق وسوريا، تتألف من 85 هدفًا داخل 7 منشآت، تابعة للحرس الثوري الإيراني والجماعات المُرتبطة به، حيث دمرت الضربات التي استمرت نحو 30 دقيقة، مراكز للقيادة والسيطرة والاستخبارات، ومخازن للطائرات المُسيّرة، ومراكز لوجستية لتوريد الذخائر، وقدرت وسائل إعلام محلية أن 39 شخصًا على الأقل قتلوا في سوريا وفي العراق بسبب الهجمات، بحسب وكالة "سبوتنيك" الروسية.
حرب أوسع
قبل تنفيذ الضربات الانتقامية، كانت الإدارة الأمريكية داخل البيت الأبيض، بحسب شبكة "آي بي سي نيوز" الأمريكية، تشهد نقاشات متوترة خلال دراسة خيارات الرد العسكري، حيث كان البعض يريد إرسال رسالة واضحة للجماعات المُسلحة بوقف هجماتها ضد القواعد الأمريكية، بينما كان يخشى آخرون أن تؤدي إلى قتال أوسع نطاقًا في المنطقة، الأمر الذي سعت إدارة بايدن بشدة إلى تجنبه.
كان السؤال الرئيسي، الذي طرحه المحللون، هو قدرة الإدارة الأمريكية على ضبط الضربات لردع الجماعات المُسلحة، دون إغراق المنطقة في الحرب الأوسع، مشيرين إلى أن ذلك الموقف السياسي الصعب، أجبر بايدن على التفكير في خيارات محدودة وبشروط، والسير على حبل مشدود، عندما يتعلق بمواجهة عسكرية مع إيران، واصفين الصراع معها بالمختلف عن الصراعات السابقة في الشام.
ضغوط سياسية
أيضًا، كانت الضغوط التي يمارسها الجمهوريون للرد بقوة أكبر، على مقتل الجنود، لها تأثيرها على الرئيس الأمريكي، خاصة في عام الانتخابات، الذي جعل عملية صنع القرار لدى بايدن أكثر تعقيدًا، خوفًا من خسارة الأصوات، في وقت يقول فيه المزيد من الأمريكيين إن السياسة الخارجية يجب أن تكون قضية رئيسية، حسب استطلاعات الرأي الأخيرة.
ولم يترك ترامب ورفاقه تلك المناسبة، التي وفقًا للشبكة الأمريكية، جعلها الجمهوريون قضيتهم السياسية الرئيسية للاصطفاف خلفها، حيث وصف ترامب خليفته الحالي بالضعيف والمُستسلم، متشككًا في دوره كزعيم عالمي وقائد أعلى للقوات المُسلحة، الأمر الذي دفع البيت الأبيض للرد بأن بايدن لا ينظر للحسابات السياسية أو الانتخابات، بينما ينظر إلى حماية القوات الأمريكية والسفن في الخارج.
عدم الاستقرار
في المقابل حذّر محللون من أن التصعيد الخطير في المنطقة، يمكن أن يتطور بسهولة ويشمل إيران وروسيا والصين، حيث يمكن أن تتصاعد الأمور اعتمادًا على مدة الضربات وعددها وأهمية المنشآت التي يتم قصفها، مشيرين إلى أن العالم لم يعد كما كان والمجموعات المسلحة الآن أكثر وأفضل تنسيقًا، وتسليحًا وتدريبًا، بحسب النسخة الإنجليزية من وكالة "سبوتنيك" الروسية.
ويرى المحللون، أنه من المفترض أن يجلب الوجود الأمريكي الاستقرار في المنطقة، لكن وفقًا لهم، فربما يكون المصدر الرئيسي لعدم الاستقرار، هو الوجود غير القانوني للجيش الأمريكي في العراق وسوريا، الذي يقوم من خلال المخابرات المركزية بدعم المتطرفين؛ لتبرير تواجده في المنطقة، بهدف حماية مصالحهم ونفوذهم.