في ظل توجه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بقوة نحو الحصول على ترشيح الحزب الجمهوري مرة أخرى لخوض انتخابات الرئاسة العام الجاري، يبدو أنه يواجه عقبة قانونية كبرى قد تعرقل طموحاته في الفوز بمنصبه مرة أخرى.
وفي الوقت الذي يستعد ترامب لخوض أربع محاكمات جنائية محتملة، تشمل تهم بالتحريض على الشغب في هجوم الكابيتول في 6 يناير 2021، وتهم بالرشوة وغسل الأموال في قضايا أخرى، فإن قد يواجه بالفعل إدانات بتهم بالغة، وهو ما قد يجعله أول رئيس أمريكي سابق ينال عقوبة إجرامية ويمثل حزبه في انتخابات رئاسية.
وهكذا يبدو أن مستقبل ترامب السياسي مليء بالمخاطر القانونية الجسيمة، التي تتمحور حول نتائج هذه المحاكمات المرتقبة.
توقعات ترامب بالإدانة
وتشير مصادر لموقع "أكسيوس" الإخباري إلى أن ترامب يعتقد بأنه من المرجح إدانته إذا ما وصلت قضية اقتحام مبنى الكابيتول في 6 يناير إلى المحاكمة في واشنطن هذا الربيع، وإذا تأخر ذلك، فقد يواجه حكمًا بالإدانة في قضية المال المدفوع لشراء صمت الممثلة الإباحية ستورمي دانيلز في مانهاتن.
ويعتقد ترامب، بحسب ما يشير الموقع، إلى أن بإمكانه الفوز بالرئاسة الولايات المتحدة من خلال ظهوره اليومي أمام المحاكم أثناء نظر قضاياه الأربعة التي تتضمن 91 تهمة جنائية، إلا إن مستشاريه يخشون من أن ينفر الناخبون المستقلون من إدانته أمام هيئة محلفين.
وأظهرت القاضية تانيا تشوتكان، التي تترأس قضية اقتحام الكابيتول، تشددًا مع مشاغبي الكابيتول الذين حوكموا في محكمتها، كما أرسلت إشارات بأنها لن تمنح ترامب أي تساهل. وسيتم اختيار أعضاء هيئة المحلفين من واشنطن العاصمة التي يسيطر عليها الديمقراطيون بشكل ساحق.
احتمال تأجيل المحاكمة
وكان محامو ترامب يرون في البداية احتمالًا كبيرًا بأن تبدأ المحاكمة قبل الانتخابات الجمهورية التمهيدية بولاية ميلووكي في شهر يوليو المقبل، لكن مع كل المناورات التي قاموا بها، بما في ذلك الادعاء بحصانة الرئيس السابق من الملاحقة القضائية، بات تأجيل المحاكمة محتملًا أكثر يومًا بعد يوم.
وكان من المقرر أن تبدأ القضية في 4 مارس، إلا أنه أسقطت المحاكمة الآن من التقويم العلني للمحكمة، كما ذكرت صحيفة واشنطن بوست يوم الخميس الماضي. وقد تؤجل الاستئنافات المحاكمة حتى أواخر الربيع أو الصيف، ويشير الموقع أنه كلما اقترب موعد المحاكمة من يوم الانتخابات، قل احتمال حدوثها.
والأرجح الآن أن يملأ المدعي العام في مانهاتن ألفين براج، الذي اتهم ترامب بشراء صمت "دانيلز"، الفراغ من خلال بدء محاكمته في 25 مارس، إذ بدأ محاولة إضافة ثقل إلى قضيته من خلال إعادة تسميتها بأنها تدخل انتخابي، كما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز، الأسبوع الماضي.
وتعد تلك القضيتان في واشنطن ومانهاتن هما الأكثر احتمالًا بوجود هيئات محلفين معادية لترامب، أما القضيتان الأخريان فهما في جورجيا وفلوريدا.
دعم الحلفاء لترامب
وأوضح أحد حلفاء ترامب أنه من خلال قضائه الكثير من الوقت في المحكمة، فإن ترامب سيكسب ود وتعاطف شريحة أكبر من الأمريكيين، إذ يشعر فريق ترامب باليقين من أن تلك الاتهامات ساعدته على هيمنته على سباق الانتخابات التمهيدية داخل الحزب، فكل مجموعة جديدة من التهم أدت إلى ارتفاع في التبرعات وارتفاع في استطلاعات الرأي.
وقال مستشارو ترامب إن الحملة انتعشت بالمحاكمات، إذ إنه عندما أطلق حملته للمرة الأولى، لم يكن لديه هتاف مثل "بناء الجدار" في عام 2016، والآن، لديه نظرية للقضية: هزيمة المؤسسة الفاسدة، أو "الدولة العميقة" كما يسميها.
وبالرغم من تباهي ترامب، إلا إن هناك خوفًا حقيقيًا بين مستشاريه بشأن ما قد تعنيه إدانته، لكن فريقه يطمئن نفسه بأن الناخبين المستقلين لن يحبذوا فكرة أن تقوم إدارة ديمقراطية بمقاضاة مرشح الحزب الجمهوري.
مخاوف من رد فعل الناخبين
وذكر مصدر قريب من فريق ترامب أنه: "عندما تنتقل الأمور إلى الانتخابات العامة، وأنت تحاول إقناع الأشخاص الذين يشعرون بعدم الرضا تجاه الرئيس بايدن لكنهم يشككون بشدة في ترامب شخصيًا، فإن سياسة استخدام إدانته لا تساعد في إقناع أولئك الأشخاص".
وتظهر استطلاعات الرأي أن الناخبين، وخاصة المستقلين منهم، سينظرون إلى ترامب بشكل مختلف إذا أدين من قبل هيئة محلفين.
ووجد استطلاع للرأي أجرته "بلومبرج" في سبع ولايات متأرجحة ستشكل أهم ساحات المعركة، أن أكثر من نصف الناخبين المسجلين سيكونون غير راغبين في التصويت لترامب إذا أدين بارتكاب جريمة (53٪).
كما وجد استطلاع للرأي أجرته صحيفة نيويورك تايمز في ست ولايات متأرجحة في أكتوبر أن 6٪ من الناخبين سيغيرون أصواتهم إلى بايدن إذا أدين ترامب وحُكم عليه بالسجن كما ذكرت التايمز.
تأثير ترامب في الحزب
ورغم ذلك، قد تثبت سيطرة ترامب على الحزب الجمهوري أكثر من ذلك، إذ وجد استطلاع وطني للرأي أجرته "يو جوف" أن 72٪ من الناخبين الجمهوريين والمائلين نحو الجمهوريين يعتقدون أن أي إدانة ستكون "نتيجة غير عادلة تهدف إلى إلحاق الضرر به سياسيًا".
وتظهر هذه الاستطلاعات المتباينة مدى تمسك أنصار ترامب به، حتى وإن أدانته المحكمة، في حين قد تؤثر الإدانة على نظرة الناخبين المستقلين له.