مع توسيع الولايات المتحدة التزاماتها الأمنية في جميع أنحاء العالم، الذي وصل إلى 50 حليفًا في وقت واحد، أصبح من الواضح أن عليها سداد فاتورة ذلك التمدد العالمي الأكثر من اللازم، حيث تواجه واشنطن اختيارًا صعبًا، بين تقليل وعودها أو تحجيم نفقاتها العسكرية.
وفي تحليلها حول خطورة هذا الأمر، أكدت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، أنه في العقود التي تلت الحرب الباردة، تمتعت واشنطن بتفوق عسكري لا يمكن إنكاره، وبالتالي نادرًا ما اضطرت إلى التباهي به، أما الآن فيتعين عليها أن تتعامل مع حشود عسكرية كبيرة مثل روسيا والصين لمساعدة حلفائها.
قلق الحلفاء
بحسب الصحيفة الأمريكية، تعد الفلبين واحدة من الحلفاء القلقين، إذ طلب رئيس الدولة، التي تشابكت في الآونة الأخيرة مع الصين في بحر الصين الجنوبي، من الولايات المتحدة تقديم ضمانات لحمايتها من الصين، وهو ما فعلته واشنطن بنشر حاملة طائرات، للإبحار مع البحرية الفلبينية، بحسب المجلة الأمريكية.
كوريا الجنوبية حالة أخرى، نظرًا للقلق في سول بشأن التهديدات القادمة من الشمال، ومنذ وقت قال الرئيس الكوري الجنوبي إن سول قد تحتاج إلى تطوير رادع نووي، وهي إشارة إلى عدم الرضا عن مظلة واشنطن النووية.
الغطاء الأمني
وتشكل شبكة تحالف واشنطن، التي لديها أكثر من 50 علاقة رسمية من هذا القبيل، رصيدًا هائلًا في صراعاتها الخارجية خاصة ضد الصين، ولديها عدد من أشباه الحلفاء أيضًا، مثل تايوان، فضلاً عن شركاء مقربين، مثل الهند وسنغافورة وفيتنام، وكل ذلك يأتي مع التزامات أمنية، سواء كانت صريحة أو ضمنية.
ومع ذلك، وفقًا للمجلة، فإن مصداقية واشنطن في الوفاء بهذه الالتزامات تتعرض لضغوط متزايدة في أعين الخصوم والحلفاء على حد سواء، ونقلت المجلة عن صاحب كتاب "صعود وسقوط القوى العظمى"، تأكيده بأن الغطاء الأمني الأمريكي سيكون أكثر إحكاما وأصغر حجمًا في المستقبل، ومقتصرًا على تلك الأماكن المعروفة، مثل حلف شمال الأطلسي وأوروبا واليابان وأستراليا وإسرائيل وكوريا وربما تايوان، وليس الكثير غيرها.
اختيار صعب
ويريد الحلفاء دائمًا، ضمانات أمنية من واشنطن، الأمر الذي يجعل الضغوط تتزايد على المؤسسة العسكرية الأمريكية المنهكة بالفعل، ولكن الحرب الروسية في أوكرانيا، والأزمة المستمرة في الشرق الأوسط، أثارت تساؤلات واضحة حول تشتيت الانتباه الذي تتعرض له القوات الأمريكية، بجانب استنزاف الموارد في أكثر من اتجاه.
ووفقًا للمجلة، فإن الولايات المتحدة تتهرب من هذا الاختيار الصعب، حيث إنها تقلل من التزاماتها ولا تنفق ما يكفي للوفاء بها، وهو ما تجد بسببه واشنطن نفسها تحت ضغط لبذل المزيد من الجهد لطمأنة الحلفاء القلقين بشأن التمدد، وتراجع الأمن الجماعي، وعدم الاستقرار السياسي في الداخل.
التوازن العسكري
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية، وفقًا للمجلة، تعتمد في كثير من الأحيان على إظهار قدراتها لطمأنة الحلفاء من خلال الأفعال وليس الوعود، وهو ما جعل المناورات العسكرية جزءًا أساسيًا من الاستراتيجية الأمريكية لطمأنة المنطقة.
ومع مطالبة بايدن كثيرًا للحلفاء والشركاء ببذل المزيد من الجهد للتعاون فيما بينهم لتحقيق الأمن، أكدت الصحيفة أن ذلك كشف أن استراتيجية الولايات المتحدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ أصبحت تتغير، مع تدهور التوازن العسكري العالمي والإقليمي.