الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

ترامب لن يكون حليفًا.. كيف ستواجه الجيوش الأوروبية "المحدودة" روسيا وحدها؟

  • مشاركة :
post-title
جندي أوكراني داخل برج دبابة في باخموت – وكالات

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

"هل يمكن لأوروبا أن تخوض حربًا ضد روسيا وحدها؟ أو بالأحرى من دون الولايات المتحدة الأمريكية وجيشها، هذا السؤال الذي أطلقته مجلة بوليتيكو الأمريكية.

حتى مع وصف المجلة للسؤال أنه يبدو خيالي - حتى الآن فقط-، ففي أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية، ومع صعود المرشح الجمهوري دونالد ترامب في استطلاعات الرأي، أصبح صناع السياسات الأوروبيون يواجهون مشكلة ضخمة، تتمثل في احتمالية أن تتركهم واشنطن بمفردهم في مواجهة موسكو.

ولأن الرئيس الأمريكي السابق - وربما المستقبلي - أبلغ مسؤولي الاتحاد الأوروبي بأنه لن يأتي للمساعدة إذا ما تعرضوا للهجوم، إذ تتمثل المشكلة الأوروبية في عقود من نقص الاستثمار في الجيوش؛ كما أن إعادة بناء قاعدة صناعية سيستغرق مبالغ هائلة من المال، ومن خمس إلى عشر سنوات، وهو الوقت الذي قد لا يكون لدى أوروبا.

سيناريو 2027

ورسمت "بوليتيكو" سيناريو وصفته بأنه يقض مضاجع المخططين الاستراتيجيين في أوروبا وهو التالي:

العام هو 2027. ترامب في السنة الثالثة من رئاسته الثانية. ولا تزال أوكرانيا تقاتل، لكن المساعدات الغربية جفت وأصيبت الخطوط الأمامية بالتجمد والثبات في المواقع لعدة أشهر. وعلى الجانب الآخر من العالم، تأخذ المواجهة بشأن تايوان بين بكين وواشنطن منعطفاً نحو الأسوأ.

سيكون هذا هو التوقيت المناسب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين لاتخاذ القرار نحو توجيه الضربة لأوروبا.

غير جاهزة

في العام الماضي، رفع بوتين حجم القوات المسلحة الروسية - بما في ذلك قوات الاحتياط - إلى 3.3 مليون جندي، مضيفًا 170 ألف جندي، مع أكثر من 600 ألف جندي يقاتلون الآن في أوكرانيا.

وعلى الرغم من خسائرها في ساحة المعركة، لا تزال روسيا تتفوق على دول الناتو الأوروبية من حيث عدد الدبابات وأنظمة المدفعية والطائرات - لكن ليس من حيث الجودة - كما أنها ستنفق رسميًا 4.4% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع هذا العام.

بينما للولايات المتحدة نحو 100 ألف جندي متمركزين في أوروبا - ثلثهم في ألمانيا - مع وجود صغير ولكنه متزايد في بولندا.

ودون واشنطن، من المرجح أن تجد أوروبا نفسها غير مجهزة بشكل مؤسف.

وفي ديسمبر، قال الجنرال البلجيكي السابق مارك تيس، إن الجيش يعاني نقصًا شديدًا في الذخيرة والتمويل "لدرجة أن الجنود سيضطرون إلى رشق الحجارة بعد وقت قصير من بدء أي صراع".

ومنذ نهاية الحرب الباردة، تقلص حجم الجيوش الأوروبية، إذ ألغت العديد من الدول الأوروبية قوانين التجنيد التي لا تحظى بشعبية وتحولت إلى جيوش محترفة.

وبين عامي 1989 و2022، انخفض عدد العسكريين في الاتحاد الأوروبي من 3.4 مليون إلى 1.3 مليون.

ويشكل النقص في القوى العاملة تحديًا خطيرًا للجيوش الأوروبية التي تسعى إلى تعزيز قدراتها.

سيناريو للحرب

في أكتوبر الماضي، حذّر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، من أنه إذا لم يتم هزيمة روسيا في أوكرانيا، فقد تكون مستعدة لمهاجمة دول البلطيق في غضون 5 سنوات.

ويشير سيناريو خيالي وضعته مجلة "بوليتيكو" حول احتمالية الصدام بين روسيا ودول الناتو، إلى أن موسكو قد تبدأ بضرب أقرب الحلفاء إليها، وهي إستونيا.

وأول القوات التي سيتم ضربها هي قوة التواجد الأمامي المعززة التابعة لحلف شمال الأطلسي، التي يبلغ قوامها 2200 جندي متعدد الجنسيات، بقيادة المملكة المتحدة، ويدعمها نحو 10 آلاف جندي إستوني.

وتنقل المجلة عن ميشيل جويا، الكولونيل السابق في الجيش الفرنسي والمؤرخ العسكري، قوله عن الوجود الحالي لحلف شمال الأطلسي في منطقة البلطيق: "إنه أمر رمزي أكثر منه عسكري، لكنه مهم، إذ يظهر التضامن، وأننا على استعداد للموت من أجل إستونيا".

ولكن في هذا السيناريو، أعاد ترامب توجيه معظم القوات الأمريكية والمعدات العسكرية المتمركزة في القارة إلى منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

القوات الخاصة للبحرية الرومانية تتدرب في البحر الأسود – وكالات

وفي غضون أيام ستسيطر روسيا على شرق إستونيا، ويعلن الكرملين أن المنطقة قد عادت إلى الوطن الأم، ويمد مظلته النووية فوق الأراضي التي تم احتلالها حديثًا.

ورسمت المؤسسة العسكرية الألمانية "سيناريو تدريبي" يتصور شن هجوم روسي على "ممر سوفالكي"، فإن مثل هذا الهجوم من شأنه أن يعزل دول البلطيق عن بقية أوروبا.

ويتصور السيناريو الألماني الهجوم على الممر بين بولندا وليتوانيا، في الفترة ما بين الانتخابات الرئاسية الأمريكية هذا العام وأوائل عام 2025.

وهناك أمر واحد يتفق عليه الجميع بأوروبا في الوقت الحالي، هو أن القارة العجوز أصبحت مُعرضة للخطر، وليست مُستعدة للحرب، ودون الولايات المتحدة، لا يملك الاتحاد الأوروبي المعدات العسكرية ولا القوة البشرية اللازمة لمواجهة موسكو في صراع شديد الحدة.

تنبيه

كان ضم روسيا لشبه جزيرة القرم بشكل غير قانوني في عام 2014 بمثابة "تنبيه" لعدد من البلدان الأوروبية، فقد أعادت ليتوانيا التجنيد الإجباري في عام 2015، السويد 2017، ولاتفيا 2023.

وفي رابطة الدفاع الإستونية، يتدرب المدنيون بانتظام على الغزو الروسي.

وبينما يتراوح تعداد الجيش البولندي حول 100 ألف فرد، لكن في السنوات الأخيرة بدأ هذا العدد في النمو.

ورغم أن الزعماء الأوروبيين بدأوا يتحدثون عن تعزيز الاستعداد، فإنهم لم يبدأوا بعد في إقناع شعوبهم بالتضحيات التي ستترتب على ذلك.

و"للاستعداد للأسوأ، تحتاج الدول الأوروبية إلى الإنفاق"، وفقًا لجيسين فيبر، زميلة صندوق مارشال الألماني.

وفي هذه الأثناء، فإن احتمال مواجهة موسكو دون دعم أمريكي دفع البعض بأوروبا إلى التفكير في تطوير ترساناتهم النووية الخاصة، ولذلك أشار خبير الدفاع والأمن الفرنسي جان ميرشيت، لصحيفة "لو بوان"، إلى أن فرنسا يجب أن "تتقاسم بطريقة أو بأخرى" أسلحتها النووية مع حلفائها الأوروبيين، بنفس الطريقة التي تفعلها واشنطن.