ماكرون يواجه امتحانًا صعبًا مع حكومته الجديدة وسط أجواء مُشحونة
شهدت فرنسا، مؤخرًا، إعادة هيكلة واسعة للحكومة على يد الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء جابرييل أتال، إذ تم تشكيل حكومة تميل لليمين مقارنة بالماضي.
وأشارت صحيفة "ليزيكو" الفرنسية إلى أن التشكيل أثار موجة كبيرة من الجدل والانتقادات الحادة من قبل الأحزاب والشخصيات السياسية على يسار ويمين الطيف السياسي بفرنسا، في ما بدأت الحكومة الجديدة أولى جلساتها اليوم الجمعة وسط هذه الأجواء المشحونة.
انتقادات اليسار
أوضحت الصحيفة أن اليسار وجه انتقاداته بشدة لتشكيل حكومة تميل أكثر نحو الجناح اليميني، إذ اعتبر أمين عام الحزب الاشتراكي أن التغييرات مجرد حيلة إعلامية، كما انتقد تعيين وزراء من عهد ساركوزي.
ووصف كل من زعيمة الخضر مارين توندلييه والأمين العام للشيوعيين الحكومة بـ"حكومة ساركوزي الرابعة"، فيما اعتبرت ماتيلد بانوت نائبة حركة فرنسا الأبية أن التشكيلة تمثل "هجومًا بلا هوادة على الحقوق" ودعت لاتحاد اليسار.
كما استهدف اليسار على وجه التحديد الخيارات التي أدت لتشكيل حكومة عبر دمج بعض الوزارات، وعلى رأسها تكليف الوزيرة السابقة للرياضة عاميلي أوديا كاستيرا بحقيبة التعليم والشباب والرياضة والألعاب الأولمبية، وهو ما اعتبره البعض إهانة لأهمية قطاع التعليم.
واعتبرت "بانوت" أن هذا التعيين يدل على "ازدراء ماكرون الشديد لوزارة التربية".
ردود فعل اليمين
جاءت ردود فعل اليمين منقسمة بين الارتياح لبعض التعيينات والنقد الشديد لأخرى، وتحديدًا تعيين رشيدة داتي، إذ أثار تعيينها في وزارة الثقافة غضب حزب الجمهوريين اليميني الذي أعلن رئيسه إريك سيوتي استبعادها من صفوفه، قائلًا إنها "وضعت نفسها خارج عائلتنا السياسية".
وأضاف سيوتي، في بيان: "نحن في المعارضة، لذلك نأسف لعواقب اختيارها".
قبل ان تتولى "داتي" حقيبة الثقافة، عملت وزيرة للعدل في ظل رئاسة نيكولا ساركوزي.
إلا إنّ عمدة مدينة لابول فرانك لوفرييه أعرب عن رضاه عن التعيين، معتبرًا أنه قد يمهد لتشكيل أغلبية يمينية وسطية مستقبلًا.
وانقسم اليمين المتطرف أيضًا حيال هذه التعيينات، واعتبر التجمّع الوطني بقيادة مارين لوبان أنها مجرد تغيير للوجوه مع بقاء السياسات كما هي، بينما استهزأ إريك زمور بحزب الجمهوريين واعتبر أنه سيفقد المزيد من ناخبيه لصالح حزبه "الاستعادة".
غياب وزارة الإسكان
أثار غياب وزارة مستقلة للإسكان في التشكيلة الوزارية الجديدة غضبًا واسعًا لدى العديد من النواب والناشطين، في الوقت الذي تشهد فيه فرنسا أزمة حادة في قطاع الإسكان.
وعبّرت رئيسة "الاتحاد الاجتماعي للمساكن" إيمانويل كوس عن أسفها لعدم وجود وزير مختص بالإسكان يمتلك الوسائل اللازمة لمواجهة الأزمة الخانقة التي يتكبد وطأتها المواطنون.
بينما وصف النائب ستيفان بو، من الحزب الشيوعي غياب الوزارة بأنه "مدعاة للدهشة" و"انفصال تام عن الواقع"، مشددًا على أن الإسكان يجب أن يكون الأولوية المطلقة.
وتأتي هذه الانتقادات الحادة في وقت ترزح فيه فرنسا تحت وطأة أسوأ أزمة سكن في تاريخها الحديث، مع ارتفاع أسعار العقارات والإيجارات لمستويات قياسية وتفاقم مشكلة التشرد.