الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

ليس فقط التهديدات.. الاقتصاد يؤثر على الانتخابات التايوانية

  • مشاركة :
post-title
جماهير تحتشد خلال إحدى المؤتمرات الانتخابية في تايوان - أرشيفية

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

رغم تركيز الحديث على الضغوط الصينية والتداعيات السياسية والهجمات السيبرانية القائمة. لا تشكل الضغوط على تايوان -التي تستعد غدًا السبت لاختيار رئيسها الجديد- إلا جانبًا من المعادلة التي يقبع الاقتصاد عند طرفها الآخر.

تشير إيلين كونترباخ، المحررة الاقتصادية لوكالة أسوشيتد برس في آسيا، إلى أن تهديدات بكين باستخدام القوة للمطالبة بتايوان التي تتمتع بالحكم الذاتي لا تتعلق فقط بالصواريخ والسفن الحربية "بل ستكون الحقائق الاقتصادية الصعبة مؤثرة مع توجه الناخبين إلى صناديق الاقتراع يوم السبت، على الرغم من أن العلاقة معقدة".

ومنذ جائحة كوفيد – 19، تباطأ الاقتصاد في تايوان، حيث يقدر النمو في عام 2023 بنسبة 1.4% فقط. ويعكس هذا جزئيًا حالات الصعود والهبوط الحتمية في الطلب على رقائق الكمبيوتر وغيرها من الصادرات، وتباطؤ الاقتصاد الصيني.

لكن، تلفت إيلين إلى أن "التحديات الأطول أمدًا" مثل عدم المساواة، والقدرة على تحمل تكاليف السكن، والبطالة، هي ما تشكل أهمية بالغة بشكل خاص بالنسبة للناخبين الأصغر سنًا.

وتقول: لكن، غالبًا ما يحجب هذه التحديات الوجود الصيني الذي يلوح في الأفق.

علاقات تجارية

في عام 1949، انفصلت تايوان عن الصين بعد حرب أهلية. انقسم الجانبان ولا توجد بينهما علاقات رسمية، لكن تربطهما علاقات تجارية واستثمارية تقدر قيمتها بعشرات المليارات من الدولارات.

تشير إيلين إلى أن "بكين كانت تتودد إلى الاستثمارات التايوانية، بينما تحلق في الوقت نفسه طائرات مقاتلة وسفن حربية بالقرب من الجزيرة، لفرض موقفها القائل بأن تايوان يجب أن تتحد في نهاية المطاف مع البر الرئيسي، بالقوة إذا لزم الأمر".

في الوقت نفسه، تستورد تايوان كل احتياجاتها من الطاقة تقريبًا، ما يجعلها عرضة للحصار بسهولة.

وكما يمكن أن تؤثر نتيجة الانتخابات على العلاقات بين الصين والولايات المتحدة، لكنها تؤثر أيضًا على القرارات المتعلقة بالاستثمار والتصنيع في المستقبل البعيد. حيث يشتري البر الرئيسي الصيني وهونج كونج نحو 35% من صادرات تايوان -رغم أن حصتهما كانت في انخفاض- ويمثلان نحو ربع وارداتها.

على الرغم من استعراض عضلات بكين وقدراتها العسكرية حول الجزيرة، لكن أي عمل عسكري علني سيكلف الصين نفسها تكلفة باهظة. حيث يلعب مضيق تايوان دورًا حيويًا في التجارة الصينية مع العالم.

وكانت وكالة بلومبرج الاقتصادية قد قدّرت التكلفة المحتملة للاقتصاد العالمي، حال النزاع، بمبلغ 10 تريليونات دولار.

وحتى الآن، كانت تحركات الصين تدريجية. وفي بعض الأحيان حظرت واردات مئات المنتجات التايوانية، بما في ذلك أسماك الهامور والكعك والأناناس.

وفي الأول من يناير، أنهت الصين التعريفات التفضيلية على بعض صادرات تايوان، بما في ذلك المواد الكيميائية، والتي كانت جزءًا من اتفاقية التجارة لعام 2010.

والثلاثاء الماضي، قالت وزارة التجارة الصينية إنها تدرس تعليق الامتيازات الجمركية الأخرى على المنتجات الزراعية والأسماك والآلات وقطع غيار السيارات والمنسوجات من تايوان.

هكذا، أدانت وزارة الخارجية التايوانية التصريح التجاري الصيني، ووصفته بأنه "يستخدم التجارة سلاحًا للتلاعب بالانتخابات".

عاملات في أحد مصانع الرقائق في تايوان- أرشيفية

لكن بالمثل، فرضت تايوان حظرًا على مئات الصادرات من البر الرئيسي. بينما "تمتلك بطاقة رابحة خاصة بها" -وفق تعبير مراسلة أسوشيتد برس- وهي شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات والتي تعد أكبر مورد في العالم لرقائق الكمبيوتر، حيث توفر أكثر من 90% من الرقائق المتطورة.

لذلك، أشار ريتشارد كرونين، زميل مركز ستيمسون -مركز أبحاث في واشنطن- في تقرير حديث، إلى أن هيمنة تايوان على تصنيع الرقائق، التي تشكل صناعة استراتيجية عالمية، تمنحها نفوذًا جيوسياسيًا يتجاوز بكثير حجمها واقتصادها وسكانها.

وكتب: "إن اعتماد الصين على تايوان لتغطية العجز في الرقائق لديها أطلق عليه اسم "درع السيليكون".

تقييد الأعمال

رغم عددهم البالغ 23 مليون نسمة، يتمتع سكان تايوان بمستوى معيشة يحسدون عليه، حيث يبلغ نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي نحو 33 ألف دولار. أي أكثر من ضعف نظيره في البر الرئيسي الصيني.

ومن أجل عزل اقتصاد تايوان عن التحركات الانتقامية من قبل بكين، عملت حكومة تساي على تعزيز التجارة مع بقية آسيا والمناطق الأخرى.

كما قيدت تايبيه استثمارات الشركات الصينية في الجزيرة، للحد مما تسميه "الإكراه الاقتصادي" من قبل بكين.

وحتى عندما تصاعدت التوترات، امتنعت السلطات الصينية -إلى حد كبير- عن استهداف الآلاف من الشركات التايوانية التي تعمل في الصين.

وفي العقود القليلة الماضية، انتقل مئات الآلاف من التايوانيين إلى الصين للعمل، أو بدء أعمال تجارية صغيرة أو إنشاء مصانع. على الرغم من انخفاض الاستثمارات في البلاد بشكل مطرد لأكثر من عقد من الزمان.

عملية التوازن

بينما حققت رئيسة تايوان "تساي إنج ون" توازنًا محفوفًا بالمخاطر بين بكين وواشنطن. لكن في ظل وجود أمور كثيرة على المحك -وأياً كانت نتيجة التصويت- فإن خليفتها سوف يواجه نفس عملية التوازن.

ورغم أن نائب الرئيس ومرشح الحزب الديمقراطي التقدمي ويليام لاي، المشهور بأنه ابن أحد عمال مناجم الفحم، هو المرشح الأوفر حظًا لتولي الرئاسة عندما تتنحى الرئيسة تساي بعد فترتين كحد أقصى. لكن، رفضت بكين التفاوض مع الحزب الذي يؤكد أن تايوان مستقلة فعليًا.

وتوضح إيلين أن قادة الصين سيشعرون بأنهم مضطرون إلى الإشارة إلى الشعب التايواني بأن "التصويت ضد اختيار بكين يحمل عواقب".

ولفت جابرييل ويلداو، محلل المخاطر السياسية في شركة تينيو الاستشارية، في تقرير صدر مؤخرًا، إلى أنه من المرجح "إجراء مناورات عسكرية وإجراءات اقتصادية قسرية جديدة".