ما الذي يتطلبه النجاح في السياسة؟.. الإصرار، الطموح، الكفاح من أجل التغيير؟، مار جالسيران، جسّدت كل هذه الصفات، رغم التحديات الإضافية التي واجهتها كشخص مريض بمتلازمة داون، إذ أصبحت "جالسيران" أول مُصابة بهذه الحالة الجينية يُنتخب لعضوية برلمان إقليمي في أوروبا؛ ما يُشكل إنجازًا تاريخيًا يكسر الحواجز أمام الأشخاص ذوي الإعاقة.
متلازمة داون
مرض "متلازمة داون" هو اضطراب جيني يختلف من طفل لآخر في شدته مسببًا إعاقة ذهنية وتأخرًا في النمو مدى الحياة وصعوبات في التعلم عند الأطفال المصابين به.
يشير مصطلح "داون" إلى الطبيب البريطاني جون لاندون داون الذي يعد أول من وصف هذا المرض في القرن التاسع عشر.
ويولد كل عام ما يقرب من 3 آلاف إلى 5000 آلاف من الأطفال الذين يعانون من هذا الاضطراب الجيني، بحسب موقع الأمم المتحدة على شبكة الإنترنت.
واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر 2011 (قرارها 149/66)، الذي ينص على إعلان يوم 21 مارس يومًا عالميًا لمتلازمة داون يُحتفل به سنويًا اعتبارًا من عام 2012.
تاريخ النجاح
"غير مسبوق"، بهذه الكلمات وصفت "جالسيران"، البالغة من العمر 45 عامًا الحدث، وقالت "بدأ المجتمع في رؤية أن لدى الأشخاص ذوي متلازمة داون الكثير للإضافة، لكن الطريق طويل جدًا."
كانت رحلتها نحو النجاح تستمر لعقود، إذ انضمت جالسيران إلى حزب الشعب، عندما كانت في الثامنة عشرة من عمرها. عملت بجد لتتقدم تدريجيًا في هيكل الحزب، وكانت ثمار جهودها ظهرت في مايو الماضي، عندما تمت إضافتها كالعضو رقم 20 في قائمة مرشحي الحزب في انتخابات إقليم فالنسيا.
ردود الفعل والإنجاز
لم يكن الخبر بانتخاب جالسيران في البرلمان الإقليمي بمثابة مفاجأة، إذ كتب كارلوس مازون، زعيم حزب الشعب في الإقليم، على وسائل التواصل الاجتماعي "مرحبًا مار، أخبار رائعة للسياسة، تحطيم الحواجز".
يرفع هذا الإنجاز مار جالسيران إلى أعلى المراتب بين القلة من ذوي متلازمة داون الذين تجاوزوا الحواجز لدخول عالم السياسة. ففي فرنسا، كانت إيليونور لالو أول شخص يعاني من هذا الاضطراب الجيني، يفوز بالانتخابات العامة في عام 2020. بينما كرم فينتان براي في أيرلندا بتحقيقه التاريخي بعد انتخابه في منصب سياسي في عام 2022.
مسيرة النجاح في إسبانيا
من قبل، كانت أنجيلا باتشيلير، هي الشخص الذي فتح الطريق لجالسيران في السياسة، حينما أصبحت أول مستشارة في مجلس المدينة في مدينة فالادوليد في عام 2013.
ويشير الاتحاد الإسباني لمتلازمة داون إلى أن جالسيران، قد تكون أول شخص ينضم إلى البرلمان الإقليمي أو الوطني في أوروبا. وقال أجوستين ماتيا أمور، من الاتحاد الإسباني لمتلازمة داون إسبانيا: "لم نسمع عن أي شخص آخر. إنها خطوة ضخمة إلى الأمام ومثال حقيقي للشمولية."
يشير "أمور" إلى أن هذا الإنجاز يعكس أيضًا العقود التي قضتها جالسيران في العمل؛ من أجل تعزيز وضع الأشخاص ذوي متلازمة داون في إسبانيا.
قضت جالسيران أكثر من 20 عامًا كموظفة حكومية في فالنسيا، إذ ساهمت في وضع سياسات شاملة، بالإضافة إلى أربع سنوات قضتها في قيادة جمعية "أسينداون"، وهي منظمة فالنسية مكرسة لمساعدة العائلات التي تُعاني من الأطفال الذين يعانون من متلازمة داون.
تحديات الانطباع العام
على الرغم من الترحيب الذي لاقته جالسيران في سبتمبر الماضي، عندما أدت اليمين الدستورية، إلا أنها قالت إن ردود الفعل عبر الإنترنت كانت متباينة. "تجد كل أنواع الآراء على وسائل التواصل الاجتماعي"، إذ قالت "هناك أشخاص يدعمونني، ولكن هناك أيضًا آخرون يعتقدون أنني غير قادرة، ولكن هؤلاء أشخاص لا يعرفونني أو خلفيتي."
ومع تكوينها لمهامها الجديدة، وصفتها جالسيران بأنها مسؤولية هائلة: "أريد أن أتعلم كيف أفعل ذلك بشكل جيد، من أجل الفالنسيانوس، والأهم بالنسبة لنا الذين لديهم قدرات مُختلفة."