بلغت الإعفاءات من لقاحات الأطفال أعلى مستوياتها على الإطلاق في الولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذي ينذر بخطر يهدد بانتشار أمراض ظلت لمدة عقود غائبة عن المسرح الطبي الأمريكي، والمتمثلة في أمراض الأطفال، خاصة الجدري والحصبة والشلل والسعال الديكي.
وكشفت شبكة ABC News، نقلًا عن مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة الأمريكية، أن الإعفاءات من التطعيمات المطلوبة في المدارس هي الأعلى على الإطلاق في تاريخ الولايات المتحدة، حيث امتنع ما يصل إلى 5% من الأطفال في جميع المدارس بـ10 ولايات عن تناول اللقاحات، في العام الدراسي 2022-2023.
فيروس كورونا
يعتبر فيروس كورونا، أهم أسباب ظهور بوادر أزمة تطعيم الأطفال، حيث شرعت الولايات المتحدة الأمريكية في إجبار المواطنين على تناول التطعيمات، بعدما وصلت معدل الإصابات في أمريكا إلى مستويات قياسية، وهو ما قام معه المشرعون الأمريكيون بتقديم مئات التشريعات التي تهدف إلى التراجع عن تفويضات اللقاحات.
ومنذ أن بدأ الوباء، لم تصدر أي ولاية تشريعًا يسمح بالإعفاء الطبي أو الديني في الولايات وفقًا للمؤتمر الوطني للمجالس التشريعية للولايات، إلا أنه مع صعود القوى المعارضة للقاحات فيروس كورونا امتد الأمر إلى التطعيمات الروتينية للأطفال، حتى إنه في ولاية تينيسي تم وقف جميع التطعيمات للأطفال والمراهقين في الولاية مؤقتًا، وجعلت القوانين الجديدة أو أحكام المحاكم الحصول على اللقاحات الروتينية أكثر صعوبة.
وضع محبط للأطباء
وأشارت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها إلى أن ولاية ميسيسيبي كمثال، لا تزال تحتفظ بأعلى نسبة من رياض الأطفال الذين تم تطعيمهم في البلاد، لكن مسؤولي الصحة يشعرون بالقلق من أن هذه المعدلات المرتفعة قد تتعرض للتهديد قريبًا من خلال أمر المحكمة الأخير الذي دخل حيز التنفيذ في يوليو 2023 الذي يطالب وزارة الصحة بالسماح بالإعفاءات الدينية.
ونقلت ABC الإخبارية عن المسؤول الأول للصحة في ولاية ميسيسيبي دانييل إيدني، قوله إن هذا الوضع يعتبر محبطًأ للغاية، لافتًا أن الولاية عادة ما يكون لديها 500 إعفاء طبي للأطفال على الأكثر من التطعيمات سنويًا، لكن الآن تم إصدار أكثر من 2100 إعفاء غير طبي منذ يوليو، متوقعًا وصول الإجمالي إلى 3000 إعفاء إجمالي قبل انتهاء العام.
وتبين أن حالات تفشي المرض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات مثل الحصبة وشلل الأطفال والسعال الديكي، هي أكثر انتشارًا بكثير في المناطق التي تركز على مجموعات من الأشخاص غير المحصنين، وبما أنه لا يوجد لقاح فعّال بنسبة 100٪، فإن الأشخاص الذين تم تطعيمهم يمكن أن يصابوا بالمرض أيضًا، وفقًا لشبكة ABC News.
بينما أكد الدكتور بول أوفيت عالم الفيروسات الأمريكي، وأحد أشهر المدافعين عن اللقاحات، أن ما يحدث بسبب امتناع الآباء عن الموافقة على تطعيم أطفالهم، أمر محبط للغاية، لافتًا إلى أن هناك 9 ملايين أمريكي في هذا البلد لا يمكن تطعيمهم، ويعتمدون على من حولهم لحمايتهم".
قوانين جديدة تعقد الأمور
ويتطلب قانون ولاية تينيسي الجديد موافقة كتابية من أحد الوالدين أو الوصي القانوني لأي شخص يقل عمره عن 18 عامًا لتلقي أي لقاح، وهو ما شعر معه النقاد بالقلق من أن هذه الخطوة الإضافية المتمثلة في الموافقة الكتابية تخلق حاجزًا غير ضروري قد يمنع العديد من الأطفال من الحصول على الجرعات التي يحتاجونها، بما في ذلك بعض الأطفال الأكثر ضعفًا مثل مرضى السرطان الذين يحتاجون غالبًا إلى جرعات إضافية من اللقاحات الروتينية لتكوين استجابة مناعية كاملة.
أخصائي الأمراض المعدية في مستشفى سانت جود لأبحاث الأطفال في ممفيس بولاية تينيسي، الدكتور دييجو آر هيجانو، قال لشبكة ABC News إن هذا القانون الجديد لا يجعل اللقاحات أكثر أمانًا، بل يجعل من الصعب على الآباء الموافقة على اللقاحات، مؤكدًا أنهم هذه الخطوة أخرت قدرتنا على تقديم كل هذه اللقاحات بموجب القانون الجديد لأنه كان علينا إنشاء هذه الموافقات والحصول عليها من الآباء.
ويشير الأطباء أيضًا إلى أن معدل 3% من إعفاءات التطعيمات لا يزال يعني أن 97% من الأطفال في المدارس يحصلون على اللقاحات في الوقت المحدد، ولكن سير الأمور على هذا المنوال، ينذر بكارثة في المستقبل، مطالبين بتوعية الآباء بضرورة تطعيم أطفالهم ضد تلك الأمراض.