في أعقاب التباطؤ الاقتصادي في الصين، ناقش عدد من الخبراء العوامل الكامنة وراء تراجعه، ويؤكد آدم س. بوسن، رئيس معهد بيترسون للاقتصاد الدولي في واشنطن في مقالته "نهاية المعجزة الاقتصادية في الصين"، التي نشرها "مجلس العلاقات الخارجية" أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الصينية وسوء التعامل مع وباء كورونا أدت إلى تفاقم التحديات القائمة، ما تسبب في انكماش اقتصادي كبير.
من جانبها، أشارت مجلة فورين أفيرز الأمريكية إلى أن هناك قضايا هيكلية، وتاريخية، وتدخل حكومي ساهموا في المشكلات الاقتصادية الحالية.
فيروس كورونا "الاقتصادي"
شبهت المجلة الأمريكية الوضع الاقتصادي في الصين بما أسمته "فيروس كورونا الاقتصادي طويل الأمد"، ما يشير إلى أن استجابات الحكومة الصينية الجذرية للوباء، إلى جانب زيادة التدخل الحكومي الزائد عن الحد، أدى إلى تراجع ثقة الجمهور، وخنق الاستهلاك، وتعطيل الاقتصاد، وأكدت المجلة أن تغيير الحكومة للسياسات الاستراتيجية الاقتصادية السابقة أدى إلى تغيير سلوك الأسر والشركات الصينية، الأمر الذي أدى إلى تفاقم التباطؤ الاقتصادي.
الفرص الضائعة
قالت المجلة إن هناك مشكلات بنيوية في الصين، بما في ذلك نموذج النمو المنهك وتأثير سياسة الطفل الواحد على التركيبة السكانية، كما فندت قدرة الحكومة على معالجة هذه القضايا بالقدر الكافي، وخاصة تركيزها على المشاريع التي تقودها الدولة، إلى إصلاحات مطلوبة محليًا، وقالت إن التركيز على تدخل الدولة أدى إلى المزيد من الحد من إمكانات نمو القطاع الخاص، الأمر الذي أدى إلى تفاقم التحديات الاقتصادية.
الاختلالات العميقة
ألقت المجلة الضوء على السياق التاريخي للمشكلات، وكيف واجه نموذج النمو السريع في الصين التقادم المتأصل، وأوضحت أن الصين فشلت في التحول إلى اقتصاد قائم على الاستهلاك بعد سد فجوة الاستثمار في عام 2006، كما أكدت على أن التدخل الحكومي هو نتيجة، وليس سببًا، للمشاكل الاقتصادية في الصين، مشيرة إلى أن حاجة بكين إلى الحفاظ على معدلات نمو عالية للناتج المحلي الإجمالي، أدى إلى توسيع مشاركة القطاع العام.
شبكة معقدة من العوامل
انتهى التحليل الاقتصادي إلى أن التباطؤ في الصين حدث نتيجة لعوامل متشابكة، منها الاختلالات البنيوية، والتحديات التاريخية، وسياسات اقتصادية، وإجراءات تم اتخاذها كعوامل محفزة، أدى إلى انتشار "فيروس كورونا الاقتصادي" طويل الأمد، ما أثار تساؤلات مهمة حول مسار الصين الاقتصادي المستقبلي، وتابعت المجلة أن فهم هذه التعقيدات أمر بالغ الأهمية بالنسبة لصناع السياسات والاقتصاديين الذين يسعون إلى إيجاد حلول قابلة للتطبيق لإنعاش ثاني أكبر اقتصاد في العالم.