تحدث الخبير السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، بيتر شرودر، حول التصاعد المحتمل للاستخدام النووي في الحرب الروسية الأوكرانية. وفي حين يرى المسؤولون الأمريكيون أن هذا التصاعد غير مرجح، يحذر شرودر من أن هناك خطأ في تقدير واشنطن للتهديد الحقيقي، في مقال نُشِر بمجلة "فورين أفيرز".
يستعرض الخبير السابق في الاستخبارات الأمريكية السياق الراهن للحرب ويركز على إمكانية تحول النزاع إلى تصعيد نووي، مع تقديم تحليل لمواقف الزعماء الروس واحتمالات استخدامهم للأسلحة النووية.
التصعيد النووي
أكد شرودر على تصريحات المسؤولين الأمريكيين بشأن عدم توقع استخدام روسيا للأسلحة النووية في أوكرانيا، إذ استعان بتصريحات مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ويليام بيرنز، الذي أشار في خطاب فبراير الماضي، إلى إنه يجب أخذ تهديدات بوتين النووية على محمل الجد. ومع ذلك، واصل بيرنز "الغرض من هذا الخطاب هو ترهيبنا، وكذلك حلفائنا الأوروبيين وأوكرانيا". ولم يكن للإشارة إلى أن روسيا تفكر فعليًا في استخدام أسلحتها.
ومع ذلك، يشير الكاتب إلى أن هذا التقدير قد يكون خاطئًا، إذ يعتبر أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد يتجه نحو استخدام الأسلحة النووية ضد حلف شمال الأطلسي "الناتو"، ويبرز المقال أن بوتين يمتلك فهمًا عميقًا لقدرات النووية الروسية ومبادئ الردع النووي، وربما يروّج لنفسه كمن يمتلك المهارات الفريدة للتعامل مع أزمة نووية.
يتناول "شرودر" التهديدات النووية المستمرة من روسيا، مثل تعليق اتفاق "ستارت" ونقل أسلحة نووية إلى بيلاروسيا، ويشير إلى التهديدات المستمرة من القادة الروس بشنّ هجمات نووية، متسائلًا عن قدرة المسؤولين الأمريكيين على تقدير هذه التهديدات وضرورة التصدي لها بجدية.
مخاطر الاستخدام النووي
يركز الخبير السابق بالاستخبارات المركزية الأمريكية، على مخاطر استخدام الأسلحة النووية في أوكرانيا، مشيرًا إلى أن استخدام بوتين للأسلحة النووية ضد "الناتو" يمكن أن يكون أقرب مما يتوقع المسؤولون الأمريكيون، مستعرضًا تداول بوتين تهديداته بالأسلحة النووية، ويحلل كيف يمكن أن تكون هذه التصريحات تهديدًا جادًا بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها.
ويرى الخبير السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، أنه في حال تصعيد بوتين للحرب، على سبيل المثال بشن هجوم بأسلحة تقليدية على الناتو، فإنه سيتحرك بسرعة كبيرة، لا يعطي الولايات المتحدة فرصة للتحرك بعيدًا عن الأزمة، إذ ستواجه واشنطن صعوبة في ردع حكومة الكرملين.
توجيه الردع
يطرح المقال فكرة أن الولايات المتحدة يجب أن تبتكر سبلًا جديدة لمنع روسيا من استخدام أسلحتها النووية، إذ يجب أن تقنع واشنطن مسؤولي البلاد، بمن فيهم المسؤولون على طول السلسلة القيادية العسكرية، بتقويض وعرقلة القرارات التي قد تؤدي إلى هجوم نووي.
وبالتالي، إذا أرادت واشنطن تجنب مواجهة نووية، يجب على صانعي السياسة الأمريكيين بدلًا من ذلك متابعة سياسات تهدف إلى تقويض عملية صنع القرار الروسية، بحيث إذا أمر بوتين بخطوات تصعيدية، فإنه يواجه معارضة داخلية.
ويشير "شرودر" إلى أن هذا يعني أنهم بحاجة إلى محاولة تمكين المسؤولين الروس الذين يريدون عرقلة أي محاولة يقوم بها بوتين للذهاب إلى النووي. القيام بذلك لن يكون سهلًا، بالنظر إلى سوء العلاقات الأمريكية الروسية إلى أقصى حد. لكن يمكن لواشنطن أن تبدأ بمشاركة المزيد مع موسكو، رغم كره ذلك. الطريقة الوحيدة لمسؤولي الولايات المتحدة، بمن فيهم من المجتمع الاستخباراتي، لزرع الخلاف بين المسؤولين الروس هي إقامة اتصالات مباشرة أكثر.
ومع ذلك، لا يمكن للولايات المتحدة الاعتماد على المسؤولين الروس لوقف بوتين من استخدام الأسلحة النووية، يجب عليهم في الوقت نفسه تعبئة الدول المحايدة للضغط على موسكو بعيدًا عن التصعيد.
يختم الخبير الاستخباراتي مقاله بتحذير من أن التهاون الأمريكي قد يكون خطًا خطيرًا، ويدعو إلى اتخاذ سياسات تهدف إلى عرقلة اتخاذ قرار روسيا بشأن الاستخدام النووي، مشددًا على ضرورة التفاعل مع روسيا وإقناع المجتمع الدولي برفض استخدام الأسلحة النووية، مع التركيز على التحفيز لتحقيق ذلك وتجنب المواجهة النووية المحتملة.