يضطر حبيبان للانفصال ليس لخيانة أو تدخلات الأهل، لكن لسبب اضطراري آخر وهو الهجرة من سوريا بحثًا عن مكان آمن من ويلات الحرب، هذا ما جسّده المخرج السوري ماهر صليبي من خلال عرضه "ترحال – أرواح مهاجرة" الذي سجّل به الوجود السوري بالمسابقة الرسمية في مهرجان أيام قرطاج المسرحية بدورته الـ24، التي تُختتم غدًا الأحد.
فرقة مستقلة
يؤكد "صليبي" أن أوضاع الهجرة عليه وعلى فرقته المستقلة صعّبت من مهمة تنفيذ المسرحية، ويقول: "تنفيذ العرض لم يكن بالأمر السهل، فنحن كفرقة سورية مستقلة نعيش خارج وطننا، ومسألة إنتاج المسرح ليس سهلًا، لكننا وصلنا في النهاية إلى تونس وعرضنا في مهرجان قرطاج المسرحي، وأشعر بالسعادة لكون المهرجان قدّم تحية لأهلنا في غزة، ونحن كسوريين نشعر بهم لأننا عانينا مثلهم، وعانينا أيضًا من الهجرة والبحث عن وطن".
وأضاف: "استقبلنا ردود فعل قوية وإيجابية، وهناك أشخاص كثيرون تأثروا بهذا العرض وحكوا لي عن قصص الهجرة وأنهم رأوا شبابًا يعانون بسببها، وللأسف نحن نفقد الكثير من الأشياء الجميلة، وتفاصيل خاصة بتاريخنا الطويل وحياتنا نتاج للحرب والهجرة، ونبحث أن نظل فقط على قيد الحياة".
تمويل العرض
في ظل ظروف الهجرة والحياة الصعبة للسوريين أشار "صليبي" إلى كواليس تحضيره للأعمال المسرحية في ظل نقص التمويل، إذ يقول: "لدي مجموعة من الأصدقاء الفنانين اتفقنا على تنفيذ الأعمال المسرحية ومواجهة الظروف، ووفرنا مكانًا في دبي ومسرحًا صغيرًا لتقديم عروض راقصة، واتفقنا مع كل من يشاركوا معنا أننا لا نملك أموالًا، بما في ذلك عرض "ترحال" الذي نفذناه بدون أموال وقدمنا عرضين في دبي، حتى حضورنا إلى قرطاج كان صعبًا، فقد اقترضت سعر تذكرة الطيران كي أتمكن من الوجود بالمهرجان أنا وفريق العمل، وحينما نعود سنحاول تعويض تلك الأموال".
وأوضح "صليبي": "أنا من الممثلين العاملين في التلفزيون وهو مصدر دخلي، قبل أن أهاجر مرتين الأولى كانت إلى الإمارات، والثانية إلى كندا حيث تعيش عائلتي، ويبقى حب المسرح رغم كل هذه الظروف في قلبي إلى أبد الأبدين، وكل عامين يجب أن أقدم مسرحية، لأنني أشعر بحاجتي في التواصل مع الجمهور، بجانب رغبتي في أن يكون لدي أعمالًا تصبح وثيقة للأرشيف".
أصعب لحظة
مرَّ ماهر صليبي وفريقه بظروف صعبة لخروج العرض إلى النور، ويحكي عنها قائلًا: "مررنا بلحظات كثيرة صعبة، وخصوصًا في التنسيق بين الممثلين والراقصين لحضور قرطاج، فالبعض لم يستطع أن يأتي معنا بسبب ضيق الوقت، ووفرت راقصين سريعًا قدمت بهم العرض في تونس، إضافة إلى الأوضاع المالية كما ذكرت لم تكن في أفضل حال".
الموسيقى
جاء تنفيذ موسيقى العرض في ظل صعوبات مالية طاحنة تواجه فريق عمل المسرحية، الأمر الذي دفع المخرج السوري لابتكار فكرة، حيث قال: "ابني كرم صليبي هو من قام بتنفيذ الموسيقى الخاصة بالعرض، فقط تكلفنا بعض الأموال للاستديو حتى تخرج بشكل احترافي، واستغرقت وقتًا خلال فترة التحضير للعرض، التي استغرقت شهرين، ويجب أن أنوه إلى أنني سعيد بالوجود السوري في كل الوطن العربي، وقدرتنا على إيصال ثقافتنا، ونجومنا الموجودين على كل المستويات في الوطن العربي".