في الصباح وتحديدًا في العاشرة، أمام دار ثقافة ابن خلدون بوسط العاصمة تونس، يصطف الجمهور التونسي والعربي لمشاهدة عروض السجون ضمن فعاليات النسخة الـ 24 لمهرجان أيام قرطاج المسرحية، إذ تشهد تلك الدورة مشاركة 100 سجين بـ 8 أعمال من إنتاج نوادي المسرح في المؤسسات السجنية تحت عنوان "مسرح الحرية"، وهو التقليد الذي اتبعه قرطاج منذ عام 2017.
جاءت هذه العروض بأداء مبهر وجودة وإتقان، وهو الأمر الذي فاجأ الحضور وتساءل عن هذه القدرة على الأداء، وحول هذا علّق معز مرابط مدير أيام قرطاج المسرحية لـ موقع "القاهرة الإخبارية": "حينما بدأنا تلك التجربة الرائدة عام 2017، تفاجأ الكثيرون بالعروض ولكننا أردنا أن تمثل هذه العروض مساحة لتطوير حياة هؤلاء الأشخاص، ومتنفس للحرية بالنسبة لهم، وملتقى مع العالم خارج السجون مع الجمهور".
يؤكد "مرابط" أنهم يعملون على تحضير تلك العروض طوال العام مع المساجين للمشاركة في قرطاج المسرحية، إذ يقول: "هناك متخصصون يعملون معنا ودورهم هو الحصول على الأفكار والمقترحات، والنصوص الخاصة بالمساجين والعمل على تحضيرها وتدريبهم ليستطيعوا العرض أمام الجمهور التونسي والعربي من خلال المهرجان، والحقيقة أنهم أبهروا كل من رآهم وحصلوا على ردود فعل قوية جدًا من كل من شاهدوا تلك العروض، والأمر يتطور مع مرور السنوات.
يشير "معز" إلى أن تلك الفكرة جاءته من المسرح المدرسي بالستينيات، عندما قام الحبيب بورقيبة بإلقاء خطاب تاريخي حول أهمية المسرح ودوره في زيادة الوعي لدى الجمهور التونسي، والحقيقة أن تواجد الجمهور بهذه الكثافة في العروض هو نتاج تراكم ثقافي على مدار السنوات الماضية، فقد خلق وعيًا بدور المسرح، وأهميته لذلك اندمج الجميع سواء كان المساجين أو الشعب، وكانت بداية الانطلاق.
وحول تأمين خروج هؤلاء المساجين ومشاركتهم في العروض قال: "الحقيقة أن هذا الأمر تتولاه الهيئة العامة للسجون وهناك حفظ كبير لهؤلاء المساجين، وهم من تلقاء أنفسهم يؤمنون بدور المسرح والفن سواء كانوا أطفالًا من مراكز الإصلاح أو كهول، فالمسرح قادر على أن يغير السلوك، وإخراج مواطن واعٍ وقادر على التأقلم مع الشعب مرة أخرى".