حظيت أقوى أداة يمتلكها الأمين العام للأمم المتحدة في إطار مـيثاق الأمم المتحدة، بتأييد دولي، لما يعد قوة نادرة من شأنها أن تضغط على مجلس الأمن لوقف إراقة الدماء المستمرة في غزة على يد آلة الحرب الإسرائيلية، فيما هاجمته إسرائيل وكررت دعواتها له بالاستقالة من منصبه.
ودخلت الحرب في غزة شهرها الثالث، بوتيرة متزايدة من القتال فيما وصف على أنه انتقام وعقاب جماعي يمارسه جيش الاحتلال بحق المدنيين ردًا على هجمات 7 أكتوبر التي شنتها حماس. مخلفة حتى أحدث إحصاء لوزارة الصحة الفلسطينية أكثر من 16 ألف شهيد، 70% منهم نساء وأطفال، إضافة إلى أكثر من 31 ألف جريح.
خطوة دستورية كبرى
وخطا الأمين العام للأمم المتحدة، خطوة دستورية كبرى، فعل بها أقوى أدواته التي يمنحها له ميثاق الأمم المتحدة للضغط على مجلس الأمن لأجل اتخاذ موقف للضغط لوقف إطلاق النار في غزة.
وأرسل جوتيريش خطابًا إلى رئيس مجلس الأمن، الأربعاء، يفعّل فيه- للمرة الأولى- المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة.
وتنص المادة المذكورة على أن "للأمين العام أن ينبه مجلس الأمن إلى أية مسألة يرى أنها قد تهدد حفظ السلم والأمن الدوليين". بحسب ما أفاد موقع أخبار الأمم المتحدة.
خطوة ضرورية
ورحبت وزارة الخارجية الفلسطينية بمبادرة جوتيريش، واعتبرتها "خطوة ضرورية"، تتسق مع المهام المنوطة بالمجلس، ومؤسسات الشرعية الدولية، وتنسجم مع التحذيرات الدولية واسعة النطاق من تداعيات الكارثة الإنسانية التي حلت بالمدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، جراء حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل. بحسب بيان للخارجة قلته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).
وطالبت الخارجية الفلسطينية قادة العالم بالالتفاف حول مبادرة الأمم المتحدة، لدفع مجلس الأمن إلى الوفاء بالتزاماته، واتخاذ قرار بوقف إطلاق النار.
وأعرب منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، عن دعمه قرار الأمين العام للأمم المتحدة، تفعيل المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة، وطالب من أعضاء الاتحاد الأوروبي في مجلس الأمن، والشركاء، تقديم الدعم.
وفي منشور له عبر حسابه على موقع (اكس) قال بوريل: "يجب على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن يتحرك فورًا لمنع الانهيار الكامل للوضع الإنساني في غزة".
من جانبه، أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، عن تأييده لمبادرة جوتيريش، وفي منشور له عبر حسابه على (إكس)، أشار إلى أن لجوء الأمين العام للأمم المتحدة إلى مجلس الأمن وفق المادة 99 من الميثاق لأول مرة منذ توليه منصبه " يشهد على فداحة الموقف" مطالبًا مجلس الأمن بتحمل مسؤوليته "بعد هذا الإفشال المتكرر".
إسرائيل تهاجم
بالمقابل، عدّ وزير خارجية إسرائيل ولاية جوتيريش أنها تمثل "تهديدًا للسلام العالمي" بتفعيله الأخير للآلية النادرة في مجلس الأمن بشأن الحرب في غزة.
وقال وزير خارجية الاحتلال، إيلي كوهين، في منشور له على منصة (إكس) إن "ولاية جوتيريش تمثل تهديدًا للسلام العالمي. إن مطالبته بتفعيل المادة 99 (من ميثاق الأمم المتحدة) والدعوة لوقف لإطلاق النار في غزة يشكّلان دعمًا لمنظمة حماس الإرهابية".
وتصريحات كوهين جاءت لاحقة لموقف سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان، الذي وجه انتقادات لاذعة لجوتيريش بسبب موقف الأخير، إذ كتب على منصة "إكس"، إن الأمين العام "بلغ مستوى جديدًا من التدني الأخلاقي" لاستخدامه المادة 99، ووصف الخطوة باعتبارها "دليل إضافي على الانحراف الأخلاقي للأمين العام وانحيازه ضد إسرائيل" وطالبه بالاستقالة.
وتحافظ تل أبيب على خطاب "مختل" و"غير احترافي" فيما يتعلق بالأمين العام للأمم المتحدة منذ اندلع خلاف دبلوماسي غاضب بين إسرائيل والأمم المتحدة في أكتوبر، طالب فيه مسؤولون إسرائيليون جوتيريش بتقديم استقالته بعد أن قال في خطاب أمام مجلس الأمن إن هجمات حماس في 7 أكتوبر "لم تحدث من فراغ" وإنما نتيجة سنوات من القمع والانتهاكات الإسرائيلية المستمرة.
وأدانت الخارجية الفلسطينية موقف إسرائيل الرافض لمبادرة جوتيريش، ووصفته باعتباره "إرهابًا سياسيًا"، تمارسه دولة الاحتلال ومسؤوليها على الأمين العام للأمم المتحدة، لثنيه عن أداء دوره، وقيامه بمهامه، وفقا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان.، بحسب ما أفاد بيان نقلته (وفا).
انهيار النظام الإنساني في غزة
وفي إعلانه تفعيل المادة 99، قال الأمين العام للأمم المتحدة إن غزة تواجه "خطرًا شديدًا" يتمثل في "انهيار النظام الإنساني"، بعد شهرين من الحرب التي خلقت "معاناة إنسانية مروعة".
وتقترب الأمم المتحدة من نقطة الشلل التام لعملياتها الإنسانية في غزة، حيث خسر ما يزيد على 15 ألف شخص حياتهم، بينهم 130 من العاملين بالأمم المتحدة. بحسب ما أفاد ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمم المتحدة في مؤتمر صحفي أعقب إعلان جوتيريش.