كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، تفاصيل إضافية عن "خطة الخداع " التي مكنت حركة "حماس" من تضليل جيش الاحتلال الإسرائيلي، وتنفيذ عملية "طوفان الأقصى"، في مستوطنات غزة، في السابع من أكتوبر الماضي.
وذكرت الصحيفة أنّ حماس أمضت أكثر من عام في تخطيطها لـ"الهجوم المباغت" على المستوطنات في غلاف غزة، بعد وضعها خططا قتالية مبنية على معلومات استخباراتية عالية المستوى ومواد من مصادر مفتوحة، بحسب ما قاله ضباط المخابرات الإسرائيلية للصحفيين مؤخرًا.
ورأت الصحيفة أن تعقيد الهجوم، والأدلة المتزايدة على التخطيط الاستراتيجي طويل المدى الذي أجرته حماس، كلها أمور تسلط ضوءًا جديدا على قدرة الوصول العالية التي تتحلى بها استخبارات الحركة.
وأوضحت "واشنطن بوست" أنّ الموقع الذي جرت فيه الإحاطة الصحفية كان "معبرًا"، وهو مقر "عمشات"، وحدة استخبارات كانت موجودة سابقا في جيش الاحتلال، وهي مكلّفة بجمع الوثائق والمواد التقنية الأخرى ذات الصلة بالحرب.
وقبل 5 سنوات، تم حلّ الوحدة، ونقلت الصحيفة عن شخص قالت إنه مطلّع على الوحدة، قوله إن "عمشات" أُعيد تفعيلها بعد هجوم الـ7 من أكتوبر.
خطة الخداع
وتابعت الصحيفة أنّ حماس كانت تظهر في تصريحاتها العامة أنها "مهتمة ببناء غزة اقتصاديًا، أكثر من اهتمامها بتجديد الصراع مع إسرائيل".
وبعد عام 2021، أي العام الذي خاضت فيه المقاومة الفلسطينية معركة "سيف القدس" ضدّ الاحتلال الإسرائيلي، امتنعت حماس إلى حدّ كبير عن إطلاق الصواريخ تجاه المستوطنات، وفقاً لـ"واشنطن بوست".
وفي مايو من العام الجاري، ظلت الحركة "على الهامش" بينما انخرطت حركة "الجهاد" في فلسطين بصورة أساسية، في معركة "ثأر الأحرار" القصيرة ضدّ الاحتلال، كما قالت الصحيفة.
أما في الأشهر الأخيرة، فنُظِّمت مظاهرات كبيرة عند السياج الفاصل في قطاع غزة، وهو ما رأت الصحيفة أنّه يهدف إلى "تعويد الجيش الإسرائيلي على رؤية الحشود على الحدود".
وعلى نطاق أوسع، هدف الأمر إلى "تهدئة إسرائيل وجعلها تشعر بالرضا عن النفس"، كما قالت ميري آيسين، ضابطة الاستخبارات السابقة في جيش الاحتلال.
تجاهل التحذيرات
وشدّدت "واشنطن بوست" على أنّ "طوفان الأقصى" أذهلت الإسرائيليين، الذين أكد لهم رئيس وزرائهم بنيامين نتنياهو، وقادتهم العسكريون، لسنوات عديدة، أنّ حماس "تم ردعها"، وأنّ مقاوميها "معزولون داخل غزة".
وفي غضون ذلك، حذّر محللون في جيش الاحتلال منذ أشهر من أنّ "هجومًا متعدد الجوانب يجري الإعداد له، وهو ينطوي على تسلّل غير مسبوق إلى المستوطنات، عن طريق البر والجو والبحر، وفقًا للصحيفة.
ولفتت إلى أنّ ضباط المخابرات الإسرائيلية قالوا إنّ العديد من المقاتلين الـ3000 الذين اقتحموا السياج الفاصل، الذي تبلغ تكلفته مليار دولار، مع بزوغ فجر الـ7 من أكتوبر، كانوا يحملون خطط معركة بتعليمات محددة.
وبحسب هؤلاء، تضمّن بعض هذه الخطط ضرب قواعد عسكرية إسرائيلية في أقصى الشمال، مثل "رحوفوت"، وفي الشرق، حتى بئر السبع المحتلة، بالإضافة إلى موقعين، يحملان رمزي النقطة 103 والنقطة 106، في عمق البحر الأبيض المتوسط.
وأردفت الصحيفة قائلةً إنّ المقاتلين جاءوا إلى الأراضي المحتلة ومعهم خطط قتالية مفصّلة، تتضمّن خرائط للهياكل الداخلية للقواعد العسكرية والمستوطنات، وقوائم واسعة من الأسلحة والمعدات التي تستخدمها كل وحدة من وحداتها.
كذلك، ذكرت أنّ خطط المعركة تؤكد ما كان الجنود الأفراد في وحدات منفصلة بجيش الاحتلال يحذّرون منه لأشهر، وفي بعض الحالات لأكثر من عام، ومفاده أنّ المقاومين لم يجروا مجرد تدريبات عبر الحدود في غزة، كما ادعى العديد من قادة الاحتلال، بل كانوا يستعدون بنشاط لأكبر عملية عسكرية على الإطلاق.
وفي السياق، أشارت "واشنطن بوست" إلى ما أوردته قناة "كان" الإسرائيلية الأسبوع الماضي، بشأن تقديم وثيقة استخباراتية لجيش" الاحتلال، تحمل اسم "جدار أريحا"، وتضمّ أكثر من 30 صفحةً، وذلك في مايو 2022 إلى رئيس المخابرات، أهارون هاليفا، ورئيس القيادة الجنوبية، إليعازر توليدانو.
ولم يحدد العرض تاريخاً للهجوم، لكن ضباط المخابرات فهموا أنّ حماس كانت تخطط لإطلاق قواتها يوم سبت، السبت اليهودي، أو في عطلة يهودية، عندما يكون هناك عدد أقل من الجنود لحراسة الحدود، كما بيّنت الصحيفة.
وكانت التفاصيل الأخرى "ذات بصيرة نافذة بصورة مخيفة"، متوقعة أن يتضمن الهجوم وابلا أوليا من الصواريخ لتكون بمثابة غطاء لاقتحام المستوطنات والقواعد العسكرية، وسيتم استخدام الطائرات المسيّرة والقناصة من أجل تعطيل كاميرات المراقبة، وفقاً لأيالا حسون الصحفية في "كان".
خطط لهجوم واسع منذ عام
وأكد ضابط أمن إسرائيلي لـ"واشنطن بوست" أنّ استخبارات جيش الاحتلال جمعت أدلةً على وجود خطط لهجوم واسع النطاق لحماس منذ أكثر من عام.
وأضاف أنّ جيش الاحتلال أصدر في أبريل إنذارًا داخليًا بشأن تسلّل حماس واستهدافها الكيبوتسات القريبة من قطاع غزة، مستشهدًا بأدلة ملموسة على أنّ العملية من المرجح أن تشمل مئات المقاومين.
وقال ضابط الأمن إنّ معلوماتٍ استخباراتيةً جديدةً أشارت إلى هجوم وشيك، وذلك في أغسطس، أي قبل أسابيع من "طوفان الأقصى"، وتابع: "لقد زاد الجيش جاهزيته معتقداً أنّ الهجوم أوقِف. الآن، إنّهم يرون أن ذلك كان جزءاً من خداع حماس".
وأضافت "واشنطن بوست" أن التحذيرات رفضت مرة أخرى، وأصدرت السلطات الأمنية الإسرائيلية تصاريح لإقامة مهرجان موسيقي على بعد أميال قليلة من حدود غزة.