تشهد إسرائيل موجة احتجاجات شعبية واسعة ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، احتجاجًا على سياساته وفشله في حماية المواطنين من هجوم "طوفان الأقصى" الذي شنته فصائل المقاومة الفلسطينية على مستوطنات غلاف غزة في 7 أكتوبر الماضي.
وتشهد العاصمة الإسرائيلية تل أبيب ومدينة القدس مظاهرات احتجاجية ضخمة تطالب برحيل نتنياهو، في حين يشهد منزله الكائن في مدينة "قيسارية" يوميًا وقفات احتجاجية تطالبه بالاستقالة. وقد بدأت هذه المطالب الشعبية تجد صدى لدى أقطاب الرأي العام، ما قد يشكل ضغطًا كبيرًا على نتنياهو لمغادرة منصبه، ويهدد شعبيته بقوة.
ففي شمال إسرائيل وتحديدًا في مدينة قيسارية شهدت، اليوم السبت، اعتقال الشرطة الإسرائيلية لـ6 محتجين كانوا يشاركون في وقفة احتجاجية أمام منزل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، طالبوه خلالها بالاستقالة فورًا من منصبه.
وبحسب ما ذكرته هيئة البث الإسرائيلية (كان)، فقد تم اعتقال المحتجين الـ6 بدعوى مخالفتهم للنظام العام، حيث كان نتنياهو وعائلته يقضون عطلتهم الأسبوعية في منزلهم بقيسارية.
في حين اعتبر منظمو الاحتجاج أن الاعتقال كان "سياسيًا وغير قانوني"، مشيرين إلى أن المحتجين كانوا في منطقة عامة أمام منزل رئيس الوزراء، قبل أن يتم نقلهم إلى مركز شرطة الخضيرة بحجة أنها مظاهرة غير قانونية.
جاء ذلك بالتزامن مع ما ذكرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" من أن عشرات المحتجين نظموا وقفة احتجاجية أمام منزل نتنياهو طالبوه خلالها بالتنحي فورًا عن رئاسة الوزراء، فيما ستشهد مدينة قيسارية مساء اليوم مظاهرة أخرى بالقرب من ساحة رالي تطالب هي الأخرى باستقالة نتنياهو.
"لابيد" يتجهز
أما رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، وقائد المعارضة حاليًا، يائير لابيد، فقد استغل اضطرابات إدارة نتنياهو لطرح مشروع بديل مفصّل. فيما لا يزال نتنياهو منهمكاً في ترتيب العدوان على غزة، يرسم خصمه "يائير لابيد" سيناريو ما بعد الحرب، إذ أعد حزبه "يش عتيد"، وثيقة بالتشاور مع خبراء عسكريين وسياسيين ومسؤولين أمريكيين كبار.
وتركز الوثيقة على أهداف إسرائيل في غزة ومستقبل السلطة الفلسطينية، مقسّمة مستقبل غزة إلى مرحلتين: الحالية لخمس سنوات أو أقل، ثم الدائمة.
وتعد في المرحلة الأولى بإعادة المخطوفين والمفقودين، وتعزيز الأمن عبر منطقة منزوعة السلاح وفرض حصار اقتصادي واغتيال قادة حماس.
كما تقترح تسليم إدارة غزة لفريق دولي بقيادة أمريكية يُعنى بالمساعدات الإنسانية. أما المرحلة الثانية فتركّز على مواجهة النفوذ الإيراني.
استطلاعات الرأي
وتأتي هذه الاحتجاجات في أعقاب الفشل الذريع الذي مُني به نتنياهو في التعامل مع الهجوم الذي شنته فصائل المقاومة على مستوطنات غلاف غزة في عملية "طوفان الأقصى" يوم 7 أكتوبر الماضي، الذي أسفر عن مقتل 1200 إسرائيلي وأسر 240 آخرين تم نقلهم إلى قطاع غزة.
ويبدو أن هذه المطالب الشعبية باتت تجد صدى لدى الرأي العام الإسرائيلي، إذ أشار استطلاع للرأي أجرته صحيفة "معاريف" أخيرًاا إلى أن 27% فقط من الإسرائيليين يرون نتنياهو مناسبًا لتولي منصب رئيس الوزراء، بينما يرى 52% أن وزير الحرب بيني جانتس هو الخيار الأنسب لخلافة نتنياهو وتسلّم زمام الحكومة، وهي المرة الأولى التي يحظى فيها مرشح آخر بهذا التفوق الواضح على نتنياهو في استطلاعات الرأي.
كما بيّن استطلاع آخر أجري في 10 نوفمبر الحالي، أن 26% فقط من الإسرائيليين يرون نتنياهو مناسبًا لمنصب رئيس الوزراء، في حين عدّ 52% الوزير جانتس الخيار الأفضل لقيادة الحكومة الإسرائيلية.
ويُشير تقرير صادر عن مجلة "بوليتيكو" الأمريكية إلى أن الأسابيع المقبلة ستشهد نهاية مُحتملة لحكم رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو الطويل، إذ يلقي الكثير من الإسرائيليين باللوم عليه لفشله في منع الهجوم الأمني الكارثي في السابع من أكتوبر الماضي.
وتوضح المجلة أن بيني جانتس، وزير الدفاع الأسبق، يُعد المرشح الأبرز لتحدي نتنياهو وإنهاء حياته السياسية الطويلة، إذ قبل الهجوم، أعرب جانتس عن قلقه إزاء الاتجاه "شديد التطرف" الذي يتخذه نتنياهو وحلفاؤه، لكنه بعد 7 أكتوبر كان لا يزال مُستعدًا للانضمام إلى حكومة نتنياهو "من أجل الوحدة الوطنية"، على حد زعمه.
في غضون ذلك، لا يزال جيش الاحتلال يواصل شن حربه المدمرة والوحشية على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضي، أسفرت عن استشهاد أكثر من 15 ألف فلسطيني بينهم 6150 طفلًا و4000 امرأة، إلى جانب الدمار الهائل الذي لحق بالبنى التحتية والممتلكات العامة والخاصة، فيما وصفته مصادر دولية وأممية بأنه كارثة إنسانية غير مسبوقة.