مثل موجة بحر حائرة بين شاطئين، يتنقل بطل رواية "باب الوادي" للكاتب الجزائري أحمد طيباوي بين شمال وجنوب حوض البحر المتوسط، بحثًا عن هويته وحقيقة نسبه بعدما توفيت أمه ودفنت معها سر أبيه.
تبدأ الرواية الواقعة في 268 صفحة، والخامسة في رصيد مؤلفها أحمد طيباوي، الحائزة على جائزة أفضل كتاب عربي في مجال الرواية بالدورة المنقضية لمعرض الشارقة الدولي للكتاب، تكتسب اسمها من أحد الأحياء الشعبية بالجزائر بموت الممرضة فتيحة صادقي، التي كرست حياتها كلها لرعاية ابنها الوحيد الذي صار شابًا دون أن يرى يومًا أبيه، ومع تعمد الأم إبعاد وحيدها عن الجزائر في أيام مرضها الأخير، في رحلة إلى تركيا ترحل فتيحة تاركة مهمة البوح بالسر إلى شقيقتها فطيمة وشقيقها يحيى.
فطيمة امرأة خيرة لم توفق في زواج لم يدم طويلًا وتنفق كل ما لديها على الفقراء والمشردين، بينما يحيى رجل له ماضٍ كان من أتباع الجبهة الإسلامية للإنقاذ، التي صارعت على السلطة في تسعينيات القرن الماضي وأدخلت البلاد فيما عُرف تاريخيًا باسم "العشرية السوداء".
وفي ظل عداء ظاهر من الخال المتشدد تجاه ابن أخته كمال ومواجهات سابقة بينهما، نعته خلالها يحيى باللقيط لا تجد فطيمة حلًا سوى إخبار الابن بنصف الحقيقة.
وقالت فطيمة لابن أختها كمال، إن في إحدى مدن فرنسا يوجد رجل كان صديقًا لوالده وربما يعرف مصيره ويستطيع أن يطلعه على حقيقة هويته وسر غيابه طوال هذه السنين.
وبينما لا يملك كمال عملًا ثابتًا ولا مالًا ولا أصدقاء يجد نفسه مُتشبثًا بخيط الأمل الوحيد الذي ألقي إليه لعله يجد على الضفة الأخرى من البحر المتوسط ما يجيب على سؤال العمر.
يتدبر كمال أمر تأشيرة السفر، ويقترض المال ويتجه صوب مدينة ليون، حيث يعيش عبدالقادر بن صابر ورجل مسن آخر يدعى عيسى كان حاضرًا في جنازة الأم فتحية لتبدأ دائرة جديدة من البحث والتيه.
المسنان الجزائريان المقيمان في فرنسا منذ عقود لا يملكان سوى الماضي فهما من جيل ثورة التحرير (1954-1962) ويعيشان على الذكريات، التي سردا منها كل شيء بالتفصيل إلا ما جاء من أجله كمال.
ومع نفاد صبر كمال ويأسه من الوصول إلى حقيقة أبيه وحيرته بين العودة إلى الجزائر والبقاء في فرنسا مُهاجرًا ينكشف السر الذي لم يخطر له على بال من بين مئات السيناريوهات التي ملأت رأسه طوال عمره ويكتشف أن ميلاده وحياته كانا ظلًا لكل ما شهدته الجزائر من تغيرات سياسية واجتماعية واقتصادية على مدى عقود.
"حطت طائرته في مطار هواري بومدين على الحادية عشرة صباحًا. كان ممتنًا لأول نهار يطلع عليه وهو يعرف نفسه، أو يعرف أنه الرجل الذي ما كان ليكونه لولا تواطؤ الأقدار والناس، أنهى إجراءات الخروج وجر حقيبته".