لا يقتصر تأثير الحرب المستمرة التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة على الأرواح البشرية فحسب، بل إن لها آثارًا اقتصادية واجتماعية مدمرة طويلة المدى، فقد أصبحت الحرب تلتهم مصادر الدخل وتفجر أزمة اقتصادية حادة في تل أبيب؛ إذ يواجه مئات الآلاف من الإسرائيليين اليوم أزمة بطالة كبيرة، وفقدان الدخل بعد انهيار الشركات والمشاريع الصغيرة التي كانوا يعتاشون عليها.
ومع اتساع رقعة الحرب الغاشمة على قطاع غزة المحاصر والتي تدخل يومها الـ46 تواليًا مخلفة عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، فإن الآثار الاقتصادية المترتبة عليها ستتفاقم وتزيد من حجم المعاناة الإنسانية في المنطقة بأسرها، فبينما يواجه الفلسطينيون معاناة الاحتلال والعدوان على أراضيهم، تتسع دائرة المتضررين لتطال الشعب الإسرائيلي نفسه، الذي يعاني نيران العدوان على غزة بما اقترفت أيادي حكومته.
التأثير على الأعمال الصغيرة
وتُشير صحيفة "يديعوت أحرونوت"، نقلًا عن بيانات شبه رسمية، إلى إغلاق نحو 200 ألف شركة صغيرة تمامًا أو تقليص أعمالها بشكل حاد منذ اندلاع العدوان في 7 أكتوبر الماضي، هذا التأثير لم يقتصر على الجانب المالي فقط بل وصل إلى الجانب الاجتماعي، حيث أثر على حياة مئات الآلاف من العاملين في هذه الشركات، خاصة أصحاب المشروعات الصغيرة والعاملين لحسابهم الخاص.
وبحسب ما تُشير وكالة "بلومبيرج"، فإن التكاليف المالية للحرب تجاوزت توقعات إسرائيل، وأدت إلى زيادة الضغوط على الوضع المالي لحكومة الاحتلال، كما أن مخصصات الأحزاب اليمينية المُتطرفة أصبحت مصدر جدل داخل إسرائيل، مما يُبرز نزاع الأولويات في ظل الظروف الصعبة التي تواجه البلاد.
تحديات الحكومة
تواجه حكومة الاحتلال الإسرائيلي تحديات كبيرة في التعامل مع هذه الأزمة، حيث ينتقد بعض المتضررين خطط الحكومة لصرف تعويضات، معتبرين أن قيمة المنح المتوقعة ضئيلة أو غير موجودة بالأساس، إذ تُشير بيانات رسمية إلى تراجع حاد في الإيرادات العامة؛ مما يؤثر سلبًا على مبالغ التعويضات المقررة للمتضررين.
توقعات التباطؤ الاقتصادي
مع استمرار الحرب، يُتوقع أن يشهد الاقتصاد الإسرائيلي تباطؤًا حادًا، إذ تتجاوز التكلفة الاقتصادية للحرب مئات المليارات من الشواكل، من المتوقع أن يكون النمو الاقتصادي في العام المقبل قريبًا من الصفر، فيما كانت التقديرات السابقة تُشير إلى نمو إيجابي.
تداول السيولة والضغط على الميزانية
ولفتت الصحيفة العبرية إلى مطالبات البنوك بتوفير سيولة أكبر؛ لتلبية النفقات الناتجة عن الحرب، في ظل توقعات بانخفاض الإيرادات الضريبية، ويشير بنك إسرائيل المركزي إلى ضرورة تكثيف الإنفاق لتوفير الاستجابة لاحتياجات السكان ودعم القطاعات المُتأثرة.
فيما سلطت "بلومبيرج" الضوء على زيادة تكلفة تأمين السندات السيادية الإسرائيلية وارتفاع عائد التعويض عن المخاطر، الأمر الذي يعكس التوتر الاقتصادي الحالي، إذ يعتبر موقف الحكومة، الذي أثار غضب المستثمرين والخبراء الاقتصاديين، مصدر قلق إضافي بالنسبة للاقتصاد الإسرائيلي.
استمرار التحديات الاقتصادية
تعمل الحكومة الإسرائيلية على دراسة التأثير الاقتصادي المستمر للحرب وتقييم مدى الأضرار المحتملة في حال استمرارها، مع التركيز على تحديث موازنة الدولة لتأمين الاحتياجات المتزايدة للقتال وتقديم الدعم للمتضررين.
تحديات المشروعات النسائية
وتنوه الصحيفة نقلًا عن تسوفيت جوردون، الرئيس التنفيذي لجمعية مبادرات المستقبل، إلى أن النساء يشكلن غالبية المتضررات، حيث أسست العديد منهن مشروعات صغيرة بدعم من مؤسسات اجتماعية، ويجدن أنفسهن اليوم أمام تباطؤ اقتصادي يتسارع، وعملاء توقفوا عن نشاطهم، تسعى مؤسسات مثل جمعية مبادرات المستقبل إلى دعم رائدات الأعمال اللواتي يسعين لتحقيق الاستقلال الاقتصادي.