"منى" المرأة الشمالية التي تعيش مع زوجها أكرم، وتتسبب بمقتل رجل جنوبي، ثم تقوم بتعيين زوجته جوليا التي تبحث عنه كخادمة في منزلها ومساعدتها سعيًا للتطهر من الإحساس بالذنب، هذه هي قصة فيلم "وداعًا جوليا" للمخرج محمد كردفاني الذي سلّط الضوء على فكرة الانفصال الذي قسّم السودان في شكل درامي مميز، ناقش من خلاله قضايا مهمة مثل "العنصرية، والتمييز الجنسي"، وهي الفكرة التي جعلت الفيلم يجوب أنحاء العالم حاصدًا 11 جائزة من أبرزها الحرية في مهرجان كان السينمائي الدولي.
تلك المهرجانات والجوائز جعلت للفيلم، الذي رشحته السودان ليمثلها في سباق جوائز الأوسكار، شعبية كبيرة، وانتظر جمهور الشرق الأوسط عرضه ليشاهدوا ما رآه الجمهور الغربي في هذا العمل المميز، حسبما وصفه النقاد على مستوى العالم، وأعلن بالفعل عن عرض "وداعًا جوليا" في إحدى المهرجانات بمصر، قبل أن يتم تأجيل تلك المحافل بسبب الأحداث في غزة والمجازر التي يقوم بها جيش الاحتلال الإسرائيلي ليقف حائلًا أمام عرض العمل.
الفيلم الذي كان يتطلب عرضه في السينما من أجل تطبيق شروط الأوسكار قبل نهاية أكتوبر الماضي، لذا قرر المنتجون ألا ينتظروا عودة المهرجانات ليعرض الفيلم في 25 أكتوبر الماضي، ورغم أن الفيلم في البداية خُصص له عدد قاعات قليلة في دور العرض إلا أن المفاجأة كانت في الإقبال الكبير على العمل، وهو ما فتح له آفاقًا جديدة، حيث زادت القاعات في السينما وبدأ الجمهور العربي بالبحث عن الفيلم لمشاهدته، ونال إشادة على مواقع التواصل الاجتماعي ليحقق العمل إيرادات غير مسبوقة لفيلم سوداني، وصلت إلى 3 ملايين جنيه، حول هذه العوامل العديدة التي ساهمت في تحقيق الفيلم تلك الإيرادات وانتشاره الكبير، ناقش موقع "القاهرة الإخبارية" صنّاع الفيلم والسينما السودانية والنقاد.
محمد كردفاني: سمعة جيدة
يرى مخرج العمل محمد كردفاني أنه بالرغم من صعوبة الوضع السياسي والإنساني في السودان، لكن الفن والثقافة يلعبان دورًا في تخفيف الأوجاع وإعطاء الأمل، ويقول: "أعتقد أن هناك إقبالًا كبيرًا من الجمهور السوداني في مصر على الفيلم، ويرجع ذلك إلى أن رحلة الفيلم في المهرجانات منحته سمعة جيدة وشهرة واسعة جعلت الجمهور المصري يهتم بالتعرف على جاره وثقافته، وأنا سعيد بردود الفعل الكبيرة التي حققها الفيلم في دور العرض فهو أمر أسعدنا جميعًا".
سليمان إبراهيم: قريب من ثقافتنا
يؤيد "كردفاني" في الرأى المخرج السوداني سليمان إبراهيم الذي قال: "هناك عدد كبير من المصريين حرصوا أن يشاهدوا العمل، كما أن الأعداد الهائلة للسودانيين في مصر يميلون لأن يروا أي عمل قريب من ثقافتهم ويحكي عن بلدهم، خاصة أن "وداعًا جوليا" اكتسب شهرة كبيرة من عرضه في المهرجانات الدولية وجعل هناك رغبة لدى الجمهور السوداني أن يعيشوا أجواء تقع في بلدهم".
وأشاد "إبراهيم" بالمستوى الفني لـ"وداعًا جوليا" وقال: "الفيلم رائع ويستحق أن يراه الجمهور في كل مكان، وحينما أتيحت لي الفرصة لم أتأخر وذهبت في أول يوم عرض للفيلم بمصر وشاهدته مع أبطال وصنّاع الفيلم وعدد من المتخصصين".
طارق الشناوي: مستوى فني عالي
يؤكد الناقد المصري طارق الشناوي على المستوى الفني العالي للعمل، موضحًا أن هناك عدة عوامل وراء تصدره للإيرادات وشهرته الواسعة إذ يقول: "الجالية السودانية الكبيرة الموجودة في مصر لها دور كبير في ذلك، خاصة أنهم يمثلون الطبقة القادرة على الوجود في السينما، كما أن المواطن السوداني لا يذهب لمجرد مؤازرة سينما بلاده إنما الفيلم به كل عناصر الجذب التي تصنع عملًا رائعًا".
وأشار "الشناوي" إلى أن الفكرة تظهر للوهلة الأولى أنها تهم أهالي السودان لكن عاد وقال: "وداعًا جوليا عمل يمس كل إنسان في موقعه بعيدًا عن حدود الجغرافيا، وفكرة أن السودان تضع نفسها على خريطة السينما العالمية أمر مهم، ويؤكد أن الإرادة قادرة على أن تكسر الظروف وخصوصًا عند المبدع السوداني".