يستعد رئيسا أكبر اقتصادين في العالم، لعقد قمة طال انتظارها في سان فرانسيسكو على هامش قمة "أبيك"، إذ تعد الأولى هذا العام بين الرئيس الأمريكي، جو بايدن ونظيره الصيني، شي جين بينج. ومن المنتظر أن يناقش الزعيمان العديد من القضايا الهامة، ولكن تظل أزمة تايوان هي الأهم بالنسبة للصين، لأنها السبب الرئيسي لتوتر العلاقات بين البلدين.
فمنذ زيارة نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب الأمريكي السابقة إلى تايبيه، فرضت الصين حصارًا عسكريًا على الجزيرة بشكل مستمر حتى الآن، بل وقطعت علاقتها العسكرية مع الولايات المتحدة، ردًا على الزيارة التي اعتبرتها تهديدًا لسيادتها.
فتيل الأزمة
وفي الوقت الذي يقول فيه كبار المسؤولين الاستخباراتيين الأمريكيين، إن شي أمر جيشه بأن يكون مستعدًا لغزو الجزيرة بحلول عام 2027. كثفت الصين خلال الـ14 شهرًا الماضية مناوراتها العسكرية حول تايبيه، خاصة منذ زيارة نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب الأمريكي السابق، وهو ما اعتبرته بكين تشجيعًا لـ "القوى الانفصالية" في تايوان. حسبما ذكرت وكالة "رويترز" للأنباء.
وردت الصين بقطع قنوات التواصل العسكري بين الجيش الصيني والأمريكي، وأمرت طائرات مقاتلة وسفنًا حربية بأعداد كبيرة، بتنفيذ مناورات مكثفة حول تايوان.
السؤال التايواني
يؤكد وزير الخارجية الصيني، وانج يي والجنرال تشانج يوشيا، أكبر مسؤول عسكري، أن "استقلال تايوان" يشكل أكبر تحدٍ للعلاقات بين الولايات المتحدة والصين، وأن الصين ستظهر "لا رحمة" لردع هذه النتيجة.
وفي الوقت نفسه، تؤكد الولايات المتحدة على الحفاظ على الوضع الراهن في العلاقات عبر المضيق، على الرغم من التقدم العسكري الصيني الذي قد يقنع بكين بأن الوقت في صالحها.
ولدعم هذا الوضع الراهن، يعد الإعلان الأخير عن مساعدة الولايات المتحدة لتايوان عسكريًا، عن طريق إمدادها بالأسلحة والمعدات العسكرية اللازمة للدفاع عن نفسها، أو حتى إعلان واشنطن الدفاع عنها ضد أي عدوان، السبب الرئيسي في توتر العلاقات بين العملاقين الصيني والأمريكي.
لا لاستقلال تايوان
وقالت ماو نينج، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية خلال مؤتمر صحفي عقد اليوم، إن قضية تايوان هي شأن داخلي صيني، وأن حل قضية تايوان هو أمر يتعلق بالشعب الصيني نفسه، ولا يسمح بأي تدخل خارجي. حسبما ذكرت شبكة "جلوبال تايمز" الصينية.
وأكدت ماو، أن الحكومات الأمريكية المتعاقبة قد أعطت تعهدات واضحة بشأن قضية تايوان، وأن الجانب الأمريكي أعلن بوضوح خلال قمة مجموعة العشرين 2022 في بالي، أن الحكومة الأمريكية لا تدعم "استقلال تايوان"، وأن الجانب الأمريكي يلتزم بمبدأ صين واحدة. وشددت على أن الصين لن تتنازل عن شبر واحد من أراضيها.
حصار عسكري
وخلال هذا العام، أرسلت بكين 336 طائرة إلى حواف المجال الجوي التايواني في سبتمبر فقط، ما دفع وزير الدفاع التايواني إلى تحذير من أن حجم ووتيرة التدريبات "خرجت عن السيطرة". حسبما ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.
وفي 17 سبتمبر، حلقت 103 طائرات حربية صينية قرب المجال الجوي التايواني خلال 24 ساعة. وأرسلت الصين طائرة بدون طيار حول تايوان لأول مرة في أبريل، وأصبحت هذه المناورة منتظمة، حيث أرسلت الصين طائرات بدون طيار لتحيط بالجزيرة خمس مرات منذ ذلك الحين.
وتشعر حاملات الطائرات الصينية بالراحة على الجانب الآخر من الجزيرة، في المحيط الهادئ، الذي اعتبرته الولايات المتحدة طويلاً من اختصاصها العسكري. وهناك، تطلق النار على الساحل الشرقي لتايوان وتمارس صد الولايات المتحدة في حال جاءت يومًا ما للدفاع عن تايوان من غزو صيني.
وكانت التدريبات في سبتمبر هي الأكبر في المياه إلى الشرق من تايوان منذ ما يقرب من عقد من الزمان، حيث شاركت 17 سفينة حربية بما في ذلك حاملة الطائرات "شاندونج" في تدريبات واسعة النطاق تمتد من بحر الفلبين إلى قرب الأراضي الأمريكية.
تقارب ملحوظ
وفي الوقت الذي باءت فيه كل المحاولات لتعزيز التواصل العسكري بين الجيشين بالفشل، شهدت الأيام الأخيرة انفراجة نسبية، إذ بعث مستشار الرئيس الأمريكي، العسكري الأول رسالة إلى الصين عبر فيها عن رغبته في تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، واستئناف الحوار العسكري الذي انقطع عقب زيارة بيلوسي لتايوان.
ومن جانبها، أقالت الصين وزير الدفاع، لي شانجفو، الذي فرضت واشنطن عليه عقوبات عام 2018 بسبب صفقات أسلحة مع روسيا. في خطوة وصفتها وسائل الإعلام الأمريكية وخاصة شبكة "سي إن إن"، أنها ستدفع العلاقات العسكرية بين الجانبين إلى الأمام.