وسط صمت غربي إلا من طلب توضيح تقدمت به الولايات المتحدة، تتكشف أهداف حكومة الاحتلال الإسرائيلي شيئًا فشيئًا بشأن فرض السيطرة الكاملة على قطاع غزة، إن لم يكن إعادة احتلاله مجددًا، إذ كشف رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، أخيرًا عن رؤية أكثر شمولًا لرؤيته للوضع في القطاع، تتضمن سيطرة أمنية إسرائيلية دائمة، مستبعدًا السيناريو الغربي الأخير حول إشراف "مؤقت" لقوات دولية على الأمن على طول الحدود مع القطاع.
سيطرة إسرائيلية على غزة
قال نتنياهو، في مؤتمر صحفي متلفز، إن جيش الاحتلال سيبقى مسيطرًا على قطاع غزة بعد انتهاء الحرب الحالية، ولن يعتمد على القوات الدولية للإشراف على الأمن على طول الحدود، مضيفًا أن إسرائيل لن تحكم أو تدير الخدمات الأساسية في غزة بعد الحرب، لكنها "ستستمر في السيطرة على الأمن هناك".
وأوضح نتنياهو أنه يجب على إسرائيل بسط سيطرتها الأمنية على غزة، متذرعًا بأنه في حال خلاف ذلك لن يكون لديها القدرة على دخول غزة متى شاءت للتعامل مع التهديدات المتصورة هناك.
والأسبوع الماضي، قال نتنياهو لشبكة ABC الإخبارية الأمريكية إن إسرائيل ستتحمل "المسؤولية الأمنية الشاملة" على قطاع غزة "لفترة غير محددة" بعد انتهاء الحرب ضد حماس، مما آثار موجة من الانتقادات بين المسؤولين الأمريكيين.
والحرب بدأت في غزة، منذ 7 أكتوبر الماضي، حين بدأت المقاومة شن هجوم مباغت على إسرائيل، قابله كيان الاحتلال بعدوان غاشم على سكان القطاع شمل دك المنشآت المدنية والبنى التحتية والمستشفيات، وسط حصار مطبق، دون ماء أو كهرباء أو اتصالات، أو وقود، أسفر عن مقتل أكثر من 11 ألف شهيدًا، 40% منهم أطفال، بالإضافة إلى أكثر من 27 جرحى، كما أجبر أكثر من 1.5 مليون فلسطيني على النزوح قسرًا من شمال إلى جنوب القطاع.
معارضة عودة السلطة الفلسطينية
قال نتنياهو إن جيش الاحتلال هو القوة الوحيدة التي يمكنها تولي المسؤولية العسكرية في غزة بعد الحرب وضمان أمن بلاده، في حين قال إنه لا يرى أي دور إداري مستقبلي للسلطة الفلسطينية المدعومة من الغرب، على حد قوله.
وعن عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة بعد الحرب، قال نتنياهو إن إسرائيل ستعارض ذلك، وانتقدها باعتبارها "كيانًا يعلم الأطفال كراهية إسرائيل"، و"يدعم الإرهاب" بحد زعمه وذلك بسبب عدم إدانتها صراحة لحركة حماس.
ورهن عودة السلطة الفلسطينية إلى إدارة القطاع، بأن تكون غزة منزوعة السلاح، وأن تكون غزة "خالية من التطرف" بحد زعمه، مضيفًا "وأعتقد حتى الآن أننا لم نر أي قوة فلسطينية قادرة على القيام بذلك".
أمريكا تطلب توضيحًا
وطلبت الولايات المتحدة توضيحًا بشأن تصريحات نتنياهو بأن إسرائيل ستتحمل المسؤولية الأمنية في قطاع غزة لفترة غير محددة بعد الحرب ضد المقاومة الفلسطينية. بحسب ما أفادت هيئة البث الإسرائيلية (كان)، وأكد مسؤول أمريكي التقرير لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، اليوم الأحد.
وفي وقت سابق، دعا وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، إسرائيل إلى عدم إعادة احتلال قطاع غزة بمجرد انتهاء حربها مع الفصائل الفلسطينية، وذلك وسط موجة من التصريحات من مسؤولين في واشنطن ضد مثل هذا السيناريو، بعد أن قال نتنياهو إن إسرائيل ستتمتع بسيطرة أمنية شاملة "لأجل غير مسمى" على القطاع الفلسطيني بمجرد تدمير المقاومة وإزاحتها من السلطة.
وتركت الولايات المتحدة احتمال "فترة انتقالية" في القطاع بعد الحرب مفتوحًا، لكنها أكدت أن إدارة غزة في نهاية المطاف "يجب أن تشمل حكمًا بقيادة فلسطينية وغزة موحدة مع الضفة الغربية تحت قيادة السلطة الفلسطينية".
تكريس الاحتلال.. فصل القطاع عن الضفة
من جانبها، اتهمت السلطة الفلسطينية، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بتكريس الاحتلال من خلال مساعيه لفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، وطالبت الإدارة الأمريكية بإثبات جديتها في دعم القضية من خلال وقف العدوان على القطاع، والتصدي للمخطط الإسرائيلي.
وقال محمود الهباش، مستشار الرئيس الفلسطيني، في تصريحات اليوم الأحد، تعليقًا على إعلان رئيس وزراء الاحتلال، إن نتنياهو وحكومته يريدان تصفية القضية الفلسطينية واجتثاث الشعب الفلسطيني من أرضه، وأن أحدث حلقات هذا المخطط هي مساعي الاحتلال لفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية المحتلة.